١٨ نوفمبر ٢٠١٩
ماذا يجري في #بروكسيل؟! وهل نحن على مشارف خلاف أوروبي أوروبي أم أن هناك ما يجري ترتيبه في سياسة العصا و الجزرة الأوروبية؟! بين العصا الفرنسية والجزرة الألمانية في #بكين نعى الرئيس الفرنسي #إيمانوييل_ماكرون قوات شمال حلف الأطلسي (الناتو) بكلمات واضحة تماما لا تستطيع واشنطن ولا حتى موسكو تجاوزها مع العلم أنه استمر بالتشديد أن بروكسل واحدة وأن برلين النصف الاستراتيجي لباريس بالنسبة لماكرون تتطلب البيئة الدولية المتغيرة اتخاذ إجراءات جذرية حيث إنه يريد أن يقود أوروبا إلى مستقبل ما بعد أمريكا يرى ماكرون أن فك الارتباط الأمريكي (الجزئي) فرصة لبناء أوروبا المستقلة (بقيادة فرنسا وألمانيا) واقعيا،
بحسب #الإيكونومست الأمريكية تكمن روسيا في صميم إستراتيجية ماكرون الذي يرى بأنه إذا كنا نريد بناء أوروبا جديدة وإعادة بناء الاستقلال الاستراتيجي الأوروبي فنحن بحاجة إلى إعادة النظر في موقفنا مع روسيا الحكم الذاتي الاستراتيجي الأوروبي الكامل يتطلب علاقات غير معادية وغير مهددة مع #موسكو لهذا السبب يريد ماكرون "إعادة بناء بنية الثقة والأمن" مع روسيا بالنسبة لرئيس الفرنسي يمكن التغلب على العدوان الروسي لأنه يقوم على سوء فهم اساسا لقد تحولت موسكو إلى عدوانية وتبديلية ليس بسبب الطموح الروسي في أوروبا ولكن لأن روسيا كانت محاصرة بأمريكا مدفوعة بـ (حكمها الأحادي).
ومع ذلك قبلت أوروبا أن يُنظر إليها على أنها "حصان طروادة" الأمريكي من الجانب الروسي وهذا خطأ تريد بروكسل تصحيحه بمساعدة اليمين الأوروبي وتحديدا رئيس الوزراء المجري السيد #فيكتور_أوربان الذي أجرى نقاشًا طويلًا مع كل من نائب السيدة ميركل #أولاف_شولتس والرئيس #ماكرون حول روسيا وهو قريب جدًا من وجهات نظرهما وقد يساعد إقناع البولنديين أكثر من ذلك الذين ما زالوا يتمسكون بورقة واشنطن،
ظاهريا ومع هذا التبادل العام للآراء أصبحت الفجوة الاستراتيجية الفرنسية الألمانية ظاهرة للعيان وهذا ظاهريا فقط على المستوى الآني للبناء يختلف البلدان حول الدور المستقبلي للولايات المتحدة في أوروبا ومعها حول الناتو يختلف كلاهما حول العلاقة مع روسيا لماذا ظاهريا؟! لأن ألمانيا سبقت فرنسا إلى التقرب من الروس في عديد من القضايا أولها وربما أهمها إتفاقيتي الغاز نوردم ستريم ١ و ٢ والاتفاقات التي جرت مرارا بين بوتين وميركل مرة في سوتشي ومرة في برلين والمسائل الاستراتيجية الأخرى كالقرم ومنطقة الدونباس والقوات الروسية الألمانية المشتركة في #كييف بعد التدخل الغير مبرر من واشنطن تحت إدارة الرئيس الأمريكي السابق #أوباما وتحديدا نائبه والمرشح الرئاسي الحالي #جو_بايدن،
فباريس تنظر للعلاقات مع روسيا من بوابة ضيقة ظاهريا وهي الغاز بينما برلين تسعى لتشكيل إئتلاف دولي متنوع يضم البرازيل الهند والصين رفقة الروس خصوصا وأن علاقة ألمانيا مع دول البريكس أقوى من علاقة باريس بهم لقد أصبح ماكرون يرى ومن مفارقة تاريخية أن الناتو "ميتة دماغيا" لأن روسيا لم تعد عدوًا -على عكس الاتحاد السوفيتي أثناء الحرب الباردة- بل أصبحت صديقًا وشريكًا في المستقبل وحلف الناتو عديم الفائدة في الجنوب (شرق المتوسط) المنطقة التي تهم ماكرون سواء في مسائل الطاقة ومسار الحرب على الإرهاب،
لقد أجبرت أفكار ماكرون الإستراتيجية ألمانيا على الخروج بآرائها حيث ردت المستشارة ميركل ووزيرة الدفاع كارينباور وزير الخارجية هايكو ماس بحدة بالنسبة لألمانيا فإن حلف الناتو ليس مجرد الماضي بل هو المستقبل كإطار رئيسي للدفاع الأوروبي وهذا ظاهريا في التفاصيل التي يسكنها إبليس ألمانيا وعلى لسان وزيرة دفاعها قالت بأن إنفاقنا على الناتو سيبقى كما هو حتى عام ٢٤ لمقدار ١.٥% وسيزيد ل ٢% (إذا سمحت وزارة الخزانة في وقتها وذلك ليس لأنه طلب منا بل لأننا نرى ذلك) فيما كان رأي نائب ميركل اولاف شولتس أن حاجة الناتو لألمانيا أكبر بكثير مما نحتاج الناتو وزير الخارجية الألماني السابق السيد زيغمار غابرييل قال نحن ننتظر إعلان واشنطن الانفصال الجزئي معنا في بروكسل لأن ذلك سيعني افضلية استثمار برلين في عديد المشاريع التي ستكون موسكو مهندستها وهذا ما نشدد عليه بأنه أقوى من التصريحات الظاهرية الآنية،
على حد تعبير وزيرة الدفاع وزعيمة حزب الاتحاد الديمقراطي المسيحي أنجريت كرامب كارينباور "جميع المقترحات التي تعزز قدرة أوروبا على العمل في مجال الأمن والدفاع تقوي الركن الأوروبي لحلف الناتو بشرط ضمانات بعدم وجود ضاغط او لاعب من غير القارة" الشرط التي وضعته السيدة كارينباور تحذير شديد اللهجة من برلين لواشنطن ان لا تلاعب احدا بالورقة التركية فالروس والصينيين تركيا احد اوراقهم ولكنهم قادرين على لجمها ولكن واشنطن ليست بهذا القدر،
الانقسامات الاستراتيجية "الظاهرية" بين برلين وباريس ليست جديدة بل قديمة حيث كان كل منهما يتفق مع واشنطن على حدا لذلك الاتفاق الذي جرى بين البلدين في باريس وآخن كان الأهم ليظهر صيغة الاتفاق الجديد البعيد عن واشنطن لكن الأمر في واشنطن مختلف فالرئيس ترامب اخفى القيادة الإستراتيجية الأمريكية ولم يعد دور الولايات المتحدة حامي لأوروبا من الروس تحديدا بل وان كل من باريس وبرلين أقاموا علاقات نوعية مع بكين وموسكو ودلهي وسيؤول و طوكيو وحتى في ريو دي جانيرو خاصة على الجانب الشرقي مما يوفر ردعًا ضد روسيا،
من الناحية الإستراتيجية والفنية أصبح الأوروبيون وحدهم من يقرر قوتهم وارادتهم وأحوالهم الجديدة التي باتت أقوى حتى من لندن التي ولأول مرة باتت بعيدة جدا عن بروكسل تستخدم ألمانيا وفرنسا للتعاون عن كثب وبنجاح كبير في شؤون الاتحاد الأوروبي وحتى تلك التعصبات بالنسبة للعلاقات الجيوسياسية الخارجية ارادوا ان يحلوها لفرنسا وألمانيا طموح عالية بتشكيل مستقبل أوروبا بحيث إن ما يقترحه كلا البلدين أجندة فرانكو ألمانية تقليدية (واقعية) ملفوفة بلغة الفيدرالية الأوروبية والتي تستهوي بعض الجماهير المؤثرة،
إن هذا البرنامج المثير للجدل في أوروبا لا تتقاسمها معظم دول الشرق والشمال على الرغم من امكانية استخدام ورقة الروس في الشرق ولكن الأوروبيين الشماليين يريدون إبقاء الولايات المتحدة فيها لأنها بلدان بعيدة على كافة المستويات من ارقام النظام الدولي المتهاوي لذلك خيار تشكيل نظام دولي جديد سيكون حلا مهما من أجل الأجندة الجديدة القديمة مع التركيز على عدم إدخال أوروبا بالكامل في الحرب على الإرهاب،
هذا يضع ألمانيا على الفور في حاجة ملحة إلى الصدارة في الرد على الأجندة الجيوسياسية في شيء كان يمكن أن يفعله رئيس الولايات المتحدة في الماضي -بسرعة وسهولة- لكن مع ترامب لم تعد الولايات المتحدة تلعب هذا الدور بعد الآن سيصبح كل هذا أكثر وضوحًا وملاءمةً وإلحاحًا في الأسابيع المقبلة مع قمة الناتو في لندن يومي ٣ و ٤ ديسمبر واجتماع أوكرانيا نورماندي في باريس في ٩ ديسمبر،
#الإتحاد_الأوروبي
🇪🇺🇩🇪🇫🇷