٢٧ يونيو ٢٠٢١
لم اكن انوي ان اكتب هذا المقال اطلاقا ما دفعني لكتابة هذه السطور مشاهدتي لهذا الفيديو الدعائي لرئيس بلدية ديار بكر حسين بي_ط أوغلو الذي عينه الحزب الحاكم -بلا اي انتخابات بعد اعتقال رئيس البلدية الكردي- والذي يقف فيه الرجل ويقول أنه لا يبدأ نهاره في مكتبه بدون الوقوف لدقيقة أما صورة القائد أردوغان (العظيم) حسب وصف بي أوغلو ما جعلني أن اذهب لعوالم أخرى ذكرني فيها تلميذ أردوغان النجيب وهي البروبغندا الدائية التي كان يقدمها رفاق ماو تسي تونغ وقدمها وزير الدعاية النازية جوزيف جوبلز عن الزعيم النازي ادولف هتلر وقلت في نفسي ماذا عن لي كوان يو ماذا عن كونراد أدناور ماذا عن كونراد ادناور والقائمة طويلة ...
بدأت الحكاية التركية بتخطيط كل ذلك عن طريق احد دهاة السياسة التركية احمد داوود أوغلو يظهر ذلك جليا في كتابيه الأول الذي صدر عام ١٩٩٣ (النماذج البديلة) والثاني الذي صدر عام ٢٠٠١ (العمق الاستراتيجي) كانت خطة داوود أوغلو الدخول استراتيجيا من خلال الثقافة والتعليم والاقتصاد لدول العالمين العربي والإسلامي كانت نظرة داوود أوغلو ان البحث عن أوروبا لن يسمن أو يعني من جوع ما لم يقنعوا بروكسيل أنهم جديرين بذلك ولكن هذه السياسة سكين ذو حدين لأنها تطلب حيوية في العملية الديمقراطية وتبادل أدوار وتفعيل اللامركزية الحقيقية ورفع مستوى الأقاليم البعيدة
كانت فرص نجاح هذه السياسة خصوصا في ظل ثورات بعض الدول العربية التي خرجت انظمتها عن نطاق الخدمة لكن ماذا حدث؟! الذي حدث باختصار شديد ان تركيا اهملت متطلبات النجاح في السياسة التي رسم معظمها داوود أوغلو من أهملها؟! -مع أنني لا احب رمي السلبيات على شماعة واحدة- لكن من المرات النادرة هناك شماعة واحدة يمكن الحديث أنها بكل تأكيد سبب تدهور تركيا وهو رجب طيب أردوغان طبعا لأن أردوغان بالإضافة أنه ليس متعلم بل أن جهله قاده للعجرفة والتطرف كيف كان ذلك ممكنا؟!
أردوغان الذي اقال معظم راسمي السياسة التركية الصاعدة وبذلك اطلق على قدميه الرصاص وأهمل المتطلب الأول وهو ضرورة حيوية التنقل الديمقراطي وتغاضى عن المتطلب الثاني وهو انهاء مركزية الحياة في تركيا فعمق مركزية اسطنبول اقتصاديا وانقره سياسيا وبالتالي فشل في المتطلب الثالث وهو تنمية المناطق النائية والنائية معا وهنا وصل الى حائط مسدود فاضطر لهندسة انقلاب لاضفاء شرعية دكتاتورية على قانون يعيد تركيا لدولة رئاسية يحول فيها منصب الرئيس لامبراطور والتحول من دولة صفر مشاكل لدولة لا تعيش بدون ازمات حتى اردت تلك الازمات من الخارج الى الداخل
ربما استطاع أنيس منصور خداع المسلمين بشكل عام والعرب بشكل خاص بصورة كبيرة عندما ترجم كتاب (المئة الأكثر تأثيرا في التاريخ) وعنون ذلك في ترجمته ب (العظماء المئة) والذي صور فيه لهم أن عمر بن الخطاب والمسيح ومحمد كانوا عظماء وهنا لا نقصد الاساءة لهم ولكن لايضاح فكرة ان التأثير تختلف عن العظمة وتخيلوا من سذاجة المستشهدين بهذه الترجمة نسوا ان القائمة تحوي هتلر وغيره من المجرمين واليوم يصمم الغالبية العظمى من الساذجينن ان يخدعوا أنفسهم رغم تطور الأدوات البحثية بصنع اصنامهم والامثلة هنا كثيرة لا حصر لها واردوغان مثالا جيدا لذلك
تخيلوا لم يجرؤ السيد لي كيوان يو -الذي نهض بسنغافوره من قعر الفقر لسدة هرم العالم في كافة المجالات- لفعل هكذا فيديوهات دعائية
ولن تجرؤ السيدة أنغيلا ميركل -التي استطاعت اكمال مشروع النهضة الألمانية باقتدار كبير- على محاولة التفكير بالصرف من مالها الخاص على الدعاية
وبكل بساطة يأتيك أردوغان بفيديو دعائي يصور فيه بمرتبة نصف إله وعدة أنبياء.