٢٣ إبريل ٢٠٢٣
عندما تقرأين هذه السطور يا صغيرتي سأكون غير موجود وستنهار هذه الحضارة يمكن تشبيه انهيار الحضارة يا صغيرتي بانقراض الانواع
تتحدث نظرية النشوء والارتقاء عن الأحياء الممنوعة وتشرح عن اخر مراحل انقراض الحيوان او تطوره العكسي
الظاهرة الحية تحتم وجود نوعين من الكائنات الحية ولنأخذ الذئاب مثالا
ذئب قوي وشرس قائد للقطيع وذئاب ضعيفة تحب ان تعتمد على غيرها في القطيع للاصطياد بدلا منهم وتقتات على البقايا بصمت مقابل انقيادها للذئب القوي يبدأ المسار الانقراضي عندما يزيد عدد الضعاف عن عدد الاقوياء لان القوي يختار في التكاثر على الكيفية وليس على الكم
فلا يتزاوج مع اي شريكة غير مؤهلة لانجاب جراء متفوقة مثله
ولانه سيصرف وقتا طويلا ومجهودا عاليا في تربيتهم فهو لن يسمح بأن يكونو اقل منه ثم ان وقته مشغول بالتفوق الذاتي واصطياد اكبر عدد من الفرائس له وللقطيع
أما الكائن الكسول فهو لا يبذل أي مجهود في الصيد وليس عنده حس المسؤولية عن القطيع لديه الكثير من الوقت للتناسل وأيضا قلة اعتزازه بنفسه يجعله يرضى باي شريكة ينجب منها والاهم من ذلك انه لن يربيهم ولن يحمل همهم على كتفيه وانما سيطلقهم للشحادة اي انه يفضل الكم على الكيف
ولان نظرية التطور التي كتب عنها داروين حقيقة واقعة ففي نهاية المطاف يبدأ عدد الكسالى في التزايد وعدد الأقوياء في التناقص فأن الوفرة الغذائية تزيد من تكاثر الاجناس بصفه عامة مما يزيد العدد الاجمالي وبالتالي تتناقص قيمة التمثيل الجيني للأقوياء لانه الغذاء متوفر فلا حاجة لنا بالمخالب القوية والانياب
قبلها يبدأ النوع في التخلي عن الميمات حسب نظرية الميم للعالم البيولوجي ريتشارد دوكنز مما يعني التخلي عن الشراسة والعنف الذين يحتاجهما الذئب في الصيد والتحول لاكتساب صفات جديدة مثل اطاعة الانسان للحصول على بقايا طعامه وهنا تأتي الكلاب او التحول لاكتساب صفة مراقبة المفترس الاعلى للحصول على بقايا طعامه وهنا ظهرت الضباع وهي تعرف بأنها مجموعة من اللصوص واكلات للجيف الذين يقتلون اطفال الاسد ويعيشون على رممه
نأتي للبشر وهنا تظهر الفلسفة المحرمة والحقيقة القبيحة.
نعم يا صغيرتي مشكلة الحقيقة انها احيانا تكون غير جميلة.
وهنا يقع الانسان في اختيار الجمال على حساب الحقيقة.
البشر ليسوا سواسية جينيا وراثيا
يوجد بعض الناس كسالى ضعاف الهمة وبعض الناس المجتهدين المحبين للنجاح والتفوق
الكسول ضعيف الهمة يعرف أنه سيفشل في التنافس مع المجتهدين المثابرين ولذلك يتركهم يتعبون ويحققون الثروات ثم يستغلها باحدى طريقتين:
الطريقة الاولى هي استغلال الفضيلة
هو يعرف ان هؤلاء الناجحون لهم نصيب من الشفقة والرفق بالبشر والاخلاق الكريمة فيحاول استعطافهم والحصول على فتات خبزهم.
مع انه لو اجتهد قليلا ولو صبر مثلهم لربما اصبح اغنى منهم.
ولا مانع اخلاقي من اعطائهم الصدقة بشرط عدم الاجبار والاستغلال
الطريقة الثانية هي السرقة والعنف والصراخ
ما الذي يجعل المتكاسل يتعلم او يجتهد في العمل او يصبر على اي شيء ان كان بأمكانه سرقة من تعلم و اجتهد؟
ما الذي يجعله يسهر يذاكر في المدرسة او يقضي ساعات في المصنع يكد ويتعب ان كان بامكانه ان يحمل سلاحا كالجبان ويهدد به المجتهد لسرقة ماله؟
وانصاف المتعلمين منهم ينهجون نهجا اخر متمثل بما يلي:
لماذا يتعب ويتعلم وهو بامكانه ان يصرخ ليلا نهارا مطالبا بالمساواة.
يستغل كل ما يستطيع من الفن والتواصل والثورات للمطالبة بالمساواة مع من هو افضل منه لا لوجه حق وانما لانه لايريد ان يتعب نفسه اكثر في التعليم او ان يجتهد اكثر في عمله
وهو لا يطالب بالمساواة في الفرص بل هو يطالب بالمساواة في النتائج
هو يطالب بنصيبه المستحق زورا في ثروة المجتهد عن طريق الضرائب التي هي الشكل الحديث للسرقة بالاكراه وهو يطالب بالتعليم المجاني والعلاج المجاني والوظيفة المضمونة له ولنسله لانهم موجودون فقط
تخيلي يا صغيرتي و انت في المدرسة ان تحصلي على علامة ٢٠ من ٢٠ في الاختبار بعد تعب واجتهاد وسهر ثم يأتي المدرس ويخبرك بأن اصدقائك في الفصل وعددهم خمسة يحتاج كل منهم درجة للنجاح في المقرر ويعرض عليك ان يأخذ خمس درجات منك و يعطي كل منهم درجة لينجح
هل ترين هذا عدلا؟ هل هذه المساواة؟
وان لم تقبلي التفريط في حقك فسيكرهونك ويقولون عنك رأسمالية جشعة ويصرخون ليل نهار مطالبين بحقهم في درجاتك التي اكتسبتيها بالحق و القانون. الذئاب موجودون في البشر كذلك الكلاب والضباع يا صغيرتي
لا مانع عندي من وجودهم ولكن بدون أن تكون لهم أي سلطة مادية او اخلاقية عليهم انا باختياري اتبرع لهم بشروطي الخاصة لتنمية مواهبهم
انا مستعد لبناء مدارسهم وتأهيل سجنائهم بدون عنف بدون اجبار بدون استغلال لأي من الطرفين بدون ادعاء حقهم في أموالهم هو ليس حقا ولكن فضيلة
تنهار الحضارة عندما يتكاثر ضباعها وكلابها اكثر بكثير من ذئابها ليصبحوا اقلية وتنتهي الحضارة عندما يستطيع الكسالى الصارخون ترشيح احدهم لحكم الدولة بالاغلبية التي حصلوا عليها من التكاثر الكمي
عندما يصبح الملايين من الكسالى الغير متعلمين فسيطالبون بالديموقراطية التي تجعل أغلبيتهم تعطيهم الحق في الوصول للحكم و امتلاك السلاح ومن ثم تبدأ السرقة يسمونها ضرائب أو دعم او تنوع او عدالة اجتماعية او الاشتراكية التقدمية او الشيوعية او الحزب الديموقراطي وهي اسماء مختلفة لنفس الشيء وهو حصول الاكثرية الكسولة على اموال الاقلية المجتهدة.
المضحك المبكي انه في أخر ايام حضارتنا يا صغيرتي قررت الاغلبية في اهم بلد في العالم ان تتساهل مع القتلة واللصوص وتخفيف احكام سجنهم على حساب الضحايا.
No comments:
Post a Comment