من الصعب بل من المستحيل أن تجد هيئة أو شكل أو أمر يوحد جميع البشر فالمصالح و الموسيقى و الرقص و الفنون قد تجمع و توحد البشر دون الحاجة للمماثلة سواء باللون أو بالعرق أو اللغة أو الشكل استطاعت كرة القدم أن تبصم لقب (الرياضة الأكثر شعبية في العالم) لم يأتي هذا اللقب في السهولة التي نتحدث بها فعندما نتحدث عن ما يناهز ربع مليار لاعب و اداري في هذه اللعبة و أكثر من ملياري متابع حول المعمورة فلنا أن نتخيل كم هي جميلة كرة القدم و في حين أن الأهل قد يفترقوا لسبب ما تستطيع كرة القدم توحيد مليارات البشر على متابعة فريقين ب ٢٢ لاعبا و مدربين و طاقمين إداريين و طاقم تحكيم على مستطيل أخضر اللون محدد بحدود و قوانين،
رغم أن كرة القدم موجودة كلعبة من أيام الإغريق و الرومان حسب ما وصلنا من تحقيقات تاريخية إلا أن الحدث الأهم بالنسبة للعبة هي شرعنة هذه اللعبة في القرن التاسع عشر في جامعة #كامبردج عن طريق وضع قوانين لها و بالرغم من اللعبة في البداية لم تأخذ شعبية سوى في طبقة عمّال سكة الحديد في إنجلترا إلا أن انتشارها جاء صادما حتى على من شرعنها كانت في البداية لعبة تهدف لتسلية و شغل وقت الفراغ لعمّال السكة الحديدية في ضواحي لندن و الذي أقيم فيه أعرق ملاعب إنجلترا #ملعب_ويمبلي و كانت لعبة لا تعتمد على التكتيك و المهارة بقدر الحصول على الهدف المنشود وهو تسجيل الأهداف فكان في حينها المهاجم هو الأبرز في اللعبة فلم ينظر لأرقام و لا لإحصائيات و لا حتى الشكل،
وربما ما أثر في هذه اللعبة حالها حال كل شيء الحروب و المصالح المادية الدونكيشوتية (التي صارعت طواحين الهواء) هباءا حتى الخمسينات كانت كرة القدم تقليدية تلعب في نطاق محدد و هدفها الفوز حتى أن معظم لاعبين كرة القدم كانوا يعتبرون كرة القدم هواية يمارسونها في وقت فراغهم حيث كانوا يمتهنون مهن أخرى حتى جاء الجيل المميز لمنتخب السامبا البرازيلي بقيادة الجوهرة السمراء بيليه رفقة ديدي و فافا و غرينتشي و كارفايو هذا الجيل صنع حدثا لم يكن متوقعا في عالمي السياسة و الاقتصاد في حين انتهاء الحرب العالمية الثانية كانت كبرى شركات العالم تبحث عن سلعة تجمع آلاف البشر و كانت كرة القدم الهدف المبتغى كل الأرقام و الاحصائيات كانت تشير بأن فترة الستينات ستكون فترة ذهبية سيتغير فيها شكل و مضمون كرة القدم،
رغم هيمنة نادي القرن العالمي الإسباني #ريال_مدريد الملقب بالملكي و ذلك لانه الفريق المحبب لدى الملك الاسباني فرانكو كان مدرب منتخب الطواحين الهولندية ميتشلز يجلس في الحديقة التابعة لنادي الهولندي العريق #آياكس_أمستردام في جادة آرينا بوليفارد شاهد فتى نحيل يساعد أمه في تنظيف ردهات الحديقة التابعة لملعب #أمستردام_آرينا ملعب نادي أياكس كان يمسك في يده كره من القش صنعها من مخلفات والده المزارع و شاهده تارة يحمل الكرة في يد و يحمل مع أمه أدوات التنظيف في اليد الأخرى و تارة يركض خلف كرته التي يتناثر من القش ذهب له و سأله يا بني لماذا لا تذهب داخل الملعب و تتمرن فقال له أمي منعتني من الاقتراب فليس لديها المال لتشتري التذكرة فاستأذن ميتشلز أم الفتى يوهان ليأخذه لداخل الملعب في جولة قصيرة فأذنت له لم يكن يعلم رينوس ميتشلز أنه يمسك بيد من سيغير اللعبة للأبد بل و يجعله من أفضل المدربين و ينال أمجاد كرة القدم بحصوله على لقب أمجد الكؤوس الأوروبية دوري أبطال أوروبا و أمجد الكؤوس الدولية كأس العالم،
بيليه الأبيض أو أفلاطون الساحة المستديرة أو أفلاطون كرة القدم كلها ألقاب حملها شخص واحد بالاسم يوهان باللقب يكنى كرويف صاحب ثورة التيكي تاكا أو كرة الأخذ و العطاء بلغة الضاد غير شكل كرة القدم فبعد أن كانت الكرة مختصرة بالمهاجم الهداف رقم ٩ و اللاعب المهاري رقم ١٠ و الذي كان مشهورا في كرة القدم اللاتينية لدى أبرز دولتين اشتهرا بالمهارة و ميلاد المواهب رقصتي السامبا البرازيلية و التانجو الأرجنتينية جعل الفتى صغير السن للرقم ١٤ و ٨ رونقا بات ينظر أنه الأهم في الساحة المستديرة انسيابيته في لعب الكرة و خداعه للخصوم جعلت من جسمه النحيل و نظرته التي لقبت بنظرة الفهد في المهارة و السرعة و المراوعة و الوصول للمبتغى بكل سلاسة رسم لوحات جميلة جعل من مدينته و ناديها العريق أياكس امستردام محط أنظار متتبعين الرياضة فبعد أن كان نادي آياكس من الأندية المغمورة فبات من صناع القرار الكروية فكسر هيمة الاسبان و الطليان و الانجليز على أمجد البطولات الأوروبية ليحملها نادي أياكس أربعة مرات على التوالي،
في كتابه قال كرويف "في هولندا كنا نشعر بشيء من الدونية ففي حين أن النظام النازي كان يأتي الجنود الألمان ليستعبدوننا في خدمة المصالح الألمانية كنت أريد فعل شيء لبلادي فكان مخرجي و ملاذي كرة القدم" و يضيف "كنت أعشق التحدي فكل ما يقال عنه مستحيلا كنت أعمل و أنظر لكسره" لم يكتفي بحمل شارة قيادة مدينته العاصمة الهولندية أمستردام بل أراد حمل شارة قيادة بلاده #هولندا في شوارع روزاريو الارجنتينية و ساو باولو البرازيلية و عند مرورك بالأزقة الضيقة فإنك ستشاهد رسومات غرافيكية من فنون الشوارع سيكون فحواها بيليه ريفالدو روماريو رونالدينهو رونالدو ميسي ماردونا باتستوتا و غيرهم من كتبت تاريخا مهما في كرة القدم و كذا الحال عندم مرورك من ردهة ملعب أمستردام أرينا و الكامب نو في مدينة برشلونة ستجد أجمل اللوحات للفتى الطائر الاسطورة كرويف،
لم يكن هدف طرحي اليوم إبراز الأرقام و النتائج لهذه الأسطورة الخالدة فهو قد فاز في كل شيء كلاعب و كمدرب و لكن الأهم في نظري لهذه الأسطورة أن العظيم ليس فقط في إنجازه بل لنقل ثقافته الفنية و الأخلاقية لجيل من بعده حتى يكون إرثا له و تكملة لمسيرة الكرة ككل فلن ننسى أن كرويف اعتنا بناشئيين مدرسة "لاماسيا" الكروية التابعة لنادي برشلونة الإسباني في كتابه ذكر #كرويف "أكره الحاسوب و اكره من ينتقي المواهب بناءا على الاحصائيات لأن المهارة احساس و ان لم تشعر بها لن يشعر بها ذاك الحاسوب" لنا أن نتخيل عبقرية هذا الرجل في انتقاء المواهب فهو الذي جلب لساحة المستديرة خليفته كلاعب و مدرب #بيب_غوارديولا الذي رسم صورة جديدة لكرة القدم الحديثة حيث يلقب بفيلسوف كرة القدم الحديثة على غرار معلمه كرويف و لنا أن نتخيل حجم العبقري كرويف في ابرازه للجيل الذهبي لبرشلونة و الذي نشهد عظمته في الآونة الأخيرة من أمثال Leo Messi و تشافي هيرنانديز و اندرياس انيستا و كارلوس بويول و سيرخو بوسكيتس و جيرارد بيكيه و فيكتور فالديز و لم يكن تأثيره في برشلونة وحسب بل أنه حتى في بلاده صنع لاعبين رائعين كفان نستلروي اليوم ذكرى وفاة هذا الفذ لروحه الرحمة و عليها السلام،
لربما نعي و نتعلم يوما.
#هنا_هولندا
#آياكس
#برشلونة
🇳🇱🇳🇱🇳🇱
No comments:
Post a Comment