Tuesday 7 August 2018

الفرق بيننا وبينهم الإنسانية

٧ أغسطس ٢٠١٨

يقول الفيلسوف الرائع كارل بوبر: "سيقودُ التسامح غير المشروط حتمًا إلى اختفاء التسامح نفسه ... ففي حال مدّدنا تسامحنا الغير محدود لیشملَ حتى أولئك المتعصِّبین، وإن لم نكن مستعدين للدفاع عن مُجتمعنا المتسامح ضدّ مخالب المُتعصِّبین، فسنكون بذلك قد دّمرنا حتى المُتسامح وتسامحُه معهم ... ولذلك فعلينا أن نُطالبَ باِسمِ التسامح الحقَّ في عدم التساهُل مع المتعصِّبین، علينا أن نُطالب باِعتبارِ أيِّ حركةٍ تَعظُ بالتعصُّب خارجةً عن القانون، وعلينا اِعتبارُ التحريضِ على التعصُّب والاضطهادِ جريمةً، تمامًا مثلما نعتبرُ التحريضَ على القتل، أو على الإختطاف، أو على الدعوة إلى الرجوع للمُتاجرةِ بالعبيدِ جريمة" ويقول توماس بين: "أن تعتاد عدم التفكير في أخطائك، يعطيك إحساساً ضعيفاً بالصواب ويجعل التعصب هو أول طرق دفاعك عن نفسك" ويقول الرائع أمين معلوف: "لقد علّمنا القرن العشرون أنه لا يوجد عقيدة تحريرية بذاتها، فكلها يمكن أن تنحرف، وكلها يمكن أن تشذ، وكلها أيديها ملطخة بالدماء، الشيوعية والليبرالية والقومية وكل الديانات الكبرى وحتى العلمانية .. لا أحد يحتكر التعصب، وبالعكس لا أحد يحتكر ما هو إنساني" التعصب مع المتعصبين عدالة هكذا يعلمنا تاريخ البشرية،

منذ أن غير الفيلسوف الإيطالي ميكافيلي الفلسفة السياسية تغيرت حال الأنظمة السياسية إلى مبدأ البراغماتية المطلقة بحيث أزف المعيار لأن يصبح بدل نبذ الشر بل التعامل معه كمكون ومحاولة استخدامه كأداة للوصول لسلطة في القرن العشرين أدوات التعصب الفكري النوعية كالفكر النازي والفكر الفاشي التقليدي و الراديكالية اليسارية و بعدها جاءت الاحزاب الدينية كالأخوان المسلمين و السلفية و الوهابية و الشيعية و كنت قد كتبت مقال بعنوان (الفاشية الدينية) وتحديدا في الصورة الحالية للإسلام طبعا هذا التطرف موجود مع كل عقيدة و مع كل طائفة في كل بقاع العالم ولكن منطقتنا لا تعترف في تعصبها أو خطأها بل و تعتقد أنها ممثلة بصورة إلهية سلطوية زائفة،

كنت قد كتبت أيضا طرح بعنوان (من الإنفجار العظيم لثقوب السوداء: قصة اللجوء السوري) تحدثت في طياته على أن اليمين الشعبوي المتطرف لم تزد نسبته عن ٣% من كل المجتمع الألماني بل و انهم منبوذين حيث و لمدة تزيد عن ٧ سنوات ظلت حركة (بيغيدا) الذراع اليميني الشعبوي و تحديدا في ولاية ساكسوني الشمالية في مدينة درسدن تحاسب لأي عمل تخريبي وجود البيئة المتطرفة في التنشئة الاجتماعية للأطفال لدى الجالية المسلمة في ألمانيا التي لم تتخلص من فكرها الجهادي العفن باتت تقلق السلطات الألمانية حيث سنت ألمانيا قانونا يقضي بمراقبة الاطفال في عموم ألمانيا تحت سن ١٤ عاما و ذلك لخوفها من تنامي اليمين الشعبوي المتطرف و من تنامي حركات الإسلام الجهادية اللعينة و في رأي شخصي متواضع التعصب و الحزم مع هكذا فكر عدالة قائمة بحد ذاتها،

الهارموني او التجانس في ألمانيا يسمح بالتنوع و احترام حرية الفرد و لذلك تجمع في برلين قرابة ٢٥ ألف شخص مناهضين لليمين بل و مطالبين الدولة الحزم معهم كعادة اليمين يطرق العاطفة من باب القومية و من يقرأ كتاب الرائع أمين معلوف (الهويات القاتلة) سيعرف أن قومية عصرنا الحالي يقضي بتنوعها و اكتمال زواياها المزخرفة و أي شخص يؤمن بالفكر الجهادي العفن لا يفرق عن النازي و الفاشي حيث تصنف التعصبات الدينية بالفاشية و السلطوية الجديدة،

كنت قد كتبت أيضا طرح بعنوان (هل سنشهد على بناء فاتيكان إسلامي مركزه فرنسا أو المملكة المتحدة؟!) كان طرحي يعتمد على مليارات الدولارات التي تصرف على مساجد الدولتين لإختطاف الأحزاب الدينية الراديكالية سواء الجهادية المسمومة أو الإخوان المسلمين التي تعتمد البراغماتية و القوة الناعمة لتأصل و التجذر او حتى السلفية التي تنسج أساطير هلامية في مبدأها و كنت قد كتبت أيضا في عدة منشورات عن محاولة النظام الامريكي في دعم اليمين الشعبوي المتطرف و ربما أبرزها وجود السيد ستيف بانون مستشار ترامب السابق في اوروبا منذ فبراير الماضي في صفة غير رسمية لدعم اليمين و لهذا شعرت أوروبا بأن طلاقها من أميركا ضرورة للحفاظ على القيم الإنسانية و الحرية،

و سأختتم مع مقولة للفيلسوف البريطاني جون لوك: "ان رعاية النفوس لا يمكن أن تكون من اختصاص الحاكم المدني، لأن كل سلطة تقوم على الاكراه .. أما الدين الحق المنجي فيقوم على الايمان الباطن في النفس الذي بدونه لا قيمة لشيء عند الله وان من طبيعة العقل الانساني أنه لا يمكن اكراهه بواسطة أية قوة خارجية .. صادر ان شئت أموال انسان واسجن بدنه وعذبه فان أمثال هذه العقوبات لن تجدي فتيلا اذا كنت ترجو من وراءها أن تحمله على أن يغير حكم عقله على الأشياء" و ربما نعي يوما أن ما نحمله من إيمانا لهذه العقيدة أو تلك لا تعني الصحة بالضرورة. 

No comments:

Post a Comment

Das Schweigen von Bundeskanzlerin Merkel ist ebenso traurig wie es ein Spiegelbild dessen ist, was ich die dunkle Seite von Merkels politischer Persönlichkeit nenne!

Vor drei Jahren verließ die ehemalige Bundeskanzlerin Angela Merkel scheinbar freiwillig, aber nicht ganz so freiwillig Merkel hinterließ de...