Monday 10 September 2018

بين الفدرالية و الكونفدرالية حيدت القضية الفلسطينية منذ بدايتها آه لك و إليك يا أرض كنعان

يقول الأديب المصري الرائع #نجيب_محفوظ "وُلِد النزاع في حارتنا منذ وُلِدَت، ومضى خطره يستفحل، بتعاقب الأجيال حتى اليوم والغد ولذلك، فليس أدعى إلى السخرية المريرة من الإشارة إلى صلة القربى التي تجمع بين أبناء حارتنا كنا، وما زلنا، أسرة واحدة لم يدخلها غريب، وكل فرد في حارتنا يعرف سكانها جميعاً، نساء ورجالاً ومع ذلك، فلم تعرف حارةٌ حِدّة الخصام كما عرفناها، ولا فرّق بين أبنائها النزاع، كما فرّق بيننا، ونظير كل ساعٍ إلى الخير تجد عشرة فتوات يلوحون بالنبابيت، ويدعون إلى القتال، حتى اعتاد الناس أن يشتروا السلامة بالإتاوة، والأمن بالخضوع والمهانة، ولاحقتهم العقوبات الصارمة لأدنى هفوة في القول، أو في الفعل، بل للخاطرة تخطر فيَشِي بها الوجه" ويقول #أري_دي_لوكا "ليس للقديسين وجود، ولا حتى للشياطين .. يوجد البشر الذين يرتكبون الشرور أكثر من أن يفعلوا الخير , وإنّ كل الأوقات ملائمة لفعل الخير، لكنّ الشر يحتاج لفرصة سانحة، ويجد في الحرب المناسَبة الأفضل لأنها تسمح له بالتفشّي .. أما فعل الخير فلا يحتاج إذناً من أحد" وتقول #باربارا_جريزوتي_هاريسون "أكثر المعارك الأخلاقية إيلاماً لا تكون بين الخير والشر، بل بين الخير والأقل خيراً" بلغة السياسة كرسيين لا ثالث لهما و بلغة الإنسانية كراسي التنوع موجودة و لكن لا مكان لاحتلال غث و سمين تحت مسمى الظلم و لا مكان للتعصب،

إن أي مجتمع و الذي نعود لتعريفه العلمي الأول ما هو إلا إرتباط بين سكانه بثلاث ركائز رئيسية و هي العرق و اللغة و الدين و هذا تعريف بدائي عاطفي لأنه و ببساطة و منذ تشكل المجتمعات المدنية الكثيفة بعد عصور الإنسان البدائي أي فترة الحضارات كان التنوع العرقي بسبب تخالط الأنساب سواء عن طريق الزواج المباشر أو عن طريق الهجرات الإنسانية و بالتالي أصبحت المجتمعات متعددة الأعراق في حلقة على قناة روسيا اليوم أستضيف العالم و الباحث في أمور الجينات و السلالات العرقية الدكتور #أناتولي_كليوسوف أوضح بأنه و منذ ٤ آلاف عام على الأقل تخالطت الأنواع العرقية البشرية فحتى أنه أعطى رمزا لكل عرق فمثلا أعطى العرق اليهودي -الذي يعتقد و حسب الشواهد الدينية المختلفة أنهم من نسل إسحق بن إبراهيم- J1 و أوضح أن هذا العرق إنتشر في مناطق كثيرة من الشرق الأوسط كالعراق و سوريا الطبيعية و اليمن و مصر و المغرب على وجه التحديد طبعا ليس كلاما أو نظريا بل كان نتيجة فحص الحمض النووي الذي أجري على كل هذه الشعوب حيث مكث قرابة ٢٠ عام من عمره بفحص الأحماض النووية تارخيا و حاضرا وفي معلومة صادمة أن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو يحمل في جيناته أكثر من ٥٠% من العرق الآري (الذين يعادون اليهود) و أوضح أيضا أن العراق تمتلك عرقا يهوديا بنسبة ٨٠% و اليمن ٧٠% و منطقة سوريا الطبيعية ٤٠% و هكذا هذا من ناحية العرق و هو اكثر الأمور المجتمعية تناحرا على مدار البشرية أما الركيزة الثانية و هي اللغة فهي كانت من نسيج العرق و الدين وهي الركيزة الثالثة للمجتمعات كانت غطاء لصراعات العرقية و اللغوية أما التعريف العلمي الحديث للمجتمعات و لذلك لكثرة الأعراق داخل المجتمع الواحد فإن ركائزها القانون المنظم الذي يحفظ لكل عرقية بهويتها الدينية و اللغوية حقوقها في نسيج المجتمع العام،

ما عرجت عليه في مقدمتي كان مفتاح لأكبر صراع قديم متجدد بين أبناء إبراهيم المتشعبين بالأعراق و اللغات و الأديان و هو الصراع اليهودي العربي من الصعب الحديث عن كل فصول الصراع لأن التاريخ اليهودي مبهم و غير مفهوم و عليه تعتيم في أحيان كثيرة و كذلك التاريخ العربي و أرض كنعان -التي كتبت عنها في طرح سابق هنا على صفحتي- ليست تسميتها إسرائيل (المحتلة) و ليست فلسطين كذلك (فتسمية فلسطين كما يعتقد من التاريخ الذي وصلنا على الأقل تسمية إغريقية يونانية قديمة) إسمها أرض كنعان و بالتالي طرحي اليوم سيكون عن أحدث فصول الصراع في أرض كنعان و هو الصراع الإسرائيلي العربي و هو صراع متداخل متشابق و ندر ما يتم عنه بطرق حيادية علمية لأسباب إما براغماتية أو عاطفية على مختلف توصيفاتها سواء العرقية أو الدينية أو حتى اللغوية،

منذ أواخر الإحتلال العثماني لمنطقة الشرق الأوسط و شمال أفريقيا و أقول إحتلال هنا لأنه التوصيف الأنسب لأن النظام السلطوي الإمبراطوري كان يكرس فرض قومية واحدة في الحكم و الإدارة حيث لخص الحكم في العرق العثماني فقط رغم أن قانونهم العام (الإسلامي حسب زعمهم) ينص صراحة على أن الشورى هي المبدأ رغم ذلك لم يكن هناك تمثيلا لباقي العرقيات الكثيرة في مناطق حكمهم سواء (العربية أو اليهودية او الأمازيغية أو الكردية أو التركمانية أو القوقازية أو الشركسية أو الأرمنية أو الشيشانية ... الخ) و لذلك تحالفت هذه الاقليات رغم كثرة عددها ضد الخلافة العثمانية لأنها لم تكن عادلة وهنا سادخل في قضيتي أرض كنعان حيث شهدت أرض فلسطين -و التي كان التنوع العرقي فيها واضح حيث المسيحية و اليهودية و الإسلام و هم سكان أصليين- و لكنها شهدت توافد للعصابات الصهيونية وفقا للمؤتمر الذي أقامته الجاليات العنصرية اليهودية التي لا تمت للمنطقة بذلك أواخر القرن التاسع عشر مستغلين بذلك نصرة مماثليهم بالدين اليهودي في حكم الدولة العثمانية و كانت سياسة براغماتية مقيتة و لكنها إستغلت جهل و فقر أبناء المنطقة المتعمد غالبا و أيضا شرذمة تركيبة القبائل العربية المسلمة منها و المسيحية و عندما آتى بن غورديون للمنطقة قام بخبثه بشراء أراضي واسعة من أراضي الساحل الفلسطيني في يافا و حيفا تحديدا و ذلك لإستغلال نقطتين نقطة الفقر لدى الفلاحين هناك و ستكون بعد ذلك ميناء للوفود الصهيونية المحتلة الغازية إبان الثورة العربية الكبرى تحالف اليهود صوريا مع الثوار و إلى جانبهم كل الأقليات المتضررة من الحكم العثماني و في نفس الوقت تحالفت هذه الجماعات الصهيونية مع البريطان و وضع خطة رفقة البريطان و الفرنسيين لاحقا لصنع كيانهم المزعوم في المؤتمرات التي شهدتها مدينة بازل السويسرية،

قبيل الثورة العربية الكبرى برز أول تجمع عربي تحت مسمى إسلامي بقيادة الحاج أمين الحسيني و الذي أسس مؤتمره الإسلامي العام بالتزامن مع كونه مفتي القدس و كانت الفترة الممتددة بين ١٩٢٠ و حتى قيام الكيان الصهيوني عام ١٩٤٨ تنشط حركة بيع الأراضي الفلسطينية في معظمها من فلاحي عرب فلسطين لليهود و ذلك جاء على لسان الحاج أمين الحسيني في خطبته في عام ٣١ و رسائله العديدة التي أرسلت لحكام مصر و الأمير عبدالله الأول و هنا أقتبس "السماسرة العرب و اليهود الكثر يذهبون للفلسطينيين و يغروهم بأموال اليهود الطائلة و يقولون لهم بأن يبيعوا أرضهم لليهود الآن و يدعونهم يزرعونها و يعمرونها من ثم نطردهم منها مستغلين حالة الجهل و الفقر" و هنا أنسب مقولة لجهل الناس في تلك الفترة وهي أن القانون لا يحمي المغفلين و الإنسانية لا تحمي الماكرين و الخبيثين و تقول الإحصاءات أنه و حتى قيام الكيان الصهيوني عام ٤٧ بيع ما مقداره ٤٥% من أراضي فلسطين و بعدها كرس الإحتلال البريطاني ما مقداره ١٥% من أراضي فلسطين لليهود و كرس أيضا دعم حركات التهويد و الإستيطان لمناطق فلسطينية و كان التهجير القسري للفلسطينيين عاملا قويا للجماعات الصهيونية لحتلوا ما يعرف بأراضي الغائبين،

بعدها نفت القوات البريطانية الحاج أمين الحسيني لبيروت ليتوفى هناك صحيح أن حالات بيع الأراضي قلت و لكنها إستمرت بوتيرة منخفضة جدا بعدها أخذ الفصل الحديث من الصراع العربي الإسرائيلي شكلا آخر حيث في عام ٦٧ رسمت إسرائيل حدودا جعلت الأمم المتحدة و مجلس الأمن يوافق عليها و جدير بالذكر أن الضفة الغربية و منذ عام ٤٨ كانت بنظام فدرالي مع الأردن رغم معارضة الفلسطينيين في الداخل و ذلك من خلال الفصائل المسلحة التي سعت لتغير الأنظمة العربية بدلا من مقاومة العدو و وضح ذلك جليا بعد وفاة عز الدين القسام و بالتالي جعلت البيت العربي منقسما بين مؤيدا لها أو مؤيدا للأنظمة العربية التي كانت تخطط لتغيرها و حتى إنشاء منظمة التحرير الفلسطينية التي إعترف بها عربيا على انه الممثل الوحيد للشعب الفلسطيني مع معارضة الملك الحسين لروحه الرحمة و السلام و ذلك ليس لأنه يحلم بقيادة فلسطين بل لأن حنكته و سياسة فن الممكن التي كان ينتهجها كانت تقوم على أن دول مجلس الامن و تحديدا الكبرى لا تحترم فصائل او سلطة مسلحة بقدر إحترامها لنظام و دولة قائمة و لكن البيت الفلسطيني و العربي على حد سواء رأى بأن الأردن محتل و ليس نصير لشعب الفلسطيني بدل أن يعارض اسرائيل صار يعارض الاردن و هنا شعر الملك حسين ان لا جدوى من النقاش خصوصا بعد ما حصل في أيلول في الاردن من عام ٧٠ و ما تلاها من أحداث في لبنان كانت الفصائل الفلسطينية ضليعة فيه في حينها مصر أعقدت إتفاقية سلام مع إسرائيل بعد إتفاقها على إستعادة اراضيها في سيناء و لم تنظر قط سوى في مصلحتها الخاصة رغم ذلك إستمرت السلطة الفلسطينية مواكبة لنهج الثورة المسلحة التي يعرف الجميع أنها الذراع الخاسر في هذه المعادلة و لم تسعى لبناء كيان موازي لإسرائيل في داخل فلسطين و بالتالي ساعدت على قسم الفلسطينيين إلى شتات بين عرب ٤٨ الذين اصبحوا إسرائيليين بالضرورة و اللاجئيين الفلسطينيين في الأردن و الذين إستوطنوا و عملوا في القطاعات الخاصة و العامة الأردنية و بالتالي فقدوا حق العودة بالضرورة و من يعود لأرشيفات الأردن المختلفة سيرى أن نسبة من الفلسطينيين في ظل حالة الشرذمة العربية باعوا أراضيهم مكرهين خوفا من ضياع حقهم المادي على الأقل و أسمي هذه الفترة من حالة المقاطعة العربية في داخل فلسطين و الشرذمة في البيت العربي بالمثالية للإسرائيليين حيث قاموا ببناء كيان قوي على كافة المستويات،

و في عام ٨٨ اضطر الحسين لعملية فك الإرتباط مكرها و ذلك في خضم ضغط عربي و فلسطيني على الأردن في الحقيقة السلطة لم تعمل يوما في داخل فلسطين بقدر إستثمارها في طلب الأموال من دول العالم لصالح جيوب الفساد في السلطة و فوجئت الأردن أيضا في مؤتمر مدريد لسلام ان فلسطين اوفدت وفدا منفردا رغم ان الاردن كان نصف وفده من الفلسطينيين المقيميين على أراضيها و بالتالي شعر الاردن بطعنة من السلطة خصوصا بعد توقيع معاهدة أوسلو (الكارثية على الشعب الفلسطيني) منفردة و لا ادري إلى أي شرعية إستند الرئيس عرفات في التوقيع حيث أن اوسلو تكرس ٧٨% من أراضي فلسطين لاسرائيل غير محددة الخريطة و مع ذلك ظل الحسين متمسكا بالفلسطينيين كثيرا حتى و عندما وقع معاهدة السلام (وادي عربة) التي كان من الضروري إبرامها لأن إسرائيل باتت امرا واقعا و اعترف أصحاب الحق بها،

منذ ذلك الحين و لليوم كل يوم يمر على الشعب الفلسطيني ما هو إلا تكريس لسلطة إسرائيل المحتلة و زيادة نفع مصالحها في خضم سلطة بائسة فاسدة لا تعي خطورة الموقف و في معرض حديثي الهاتفي مع الدكتور علي قليبو الذي يسكن القدس الشرقية (المحتلة) أورد لي أننا توهمنا في عقود سابقة بأن الفصائل و دعوتها لنا بالمقاطعة في العمل داخليا خلقت حالة و شعور في العقل الباطن مثالية بأننا سنستعيد كافة أراضي فلسطين تحت مسمى (بيعوا الآن ليزرع و يبنى اليهود أراضيكم و سنطردهم و نسترد اراضينا) و لكن اليوم و للآسف فنحن صحونا بعد غيبوبة طويلة لعقود على واقع مرير بتنا مخيرين فيه إما السلطة الفاسدة أو إسرائيل التي ندفع لها ضرائبنا دون حصولنا على أبسط حقوقنا بل أن إسرائيل تهود أحيائنا الجميلة في إستيطان لعين و بالتالي اليوم وجب علينا المشاركة في البلديات الإسرائيلية قانونيا و دوليا و سياسيا حتى نستطيع مقارعة إسرائيل بحجة قوية و مع ذلك و حيث ذكر لي الدكتور قليبو حالة الجهل لدى الفلسطينيين ما زالوا يتبعون شعارات بالية رثة بالمقاومة و هي أشبه بمقارعة فيل بقط و هنا المعادلة خاسرة تماما،

الكونفدرالية التي نرددها بجهل غير قانونية إطلاقا فأساسها القانوني قائم على إتحاد دولتين معترف بهما دوليا و حتى لو أنشئت دولة فلسطينية فإنها ستكون وفقا لإتفاق أوسلو (غير مسلحة و تضمن إدارة إسرائيلية عليها)،

لربما نعي و نتعلم يوما.

#أرض_كنعان
#فلسطين

🇵🇸🇵🇸🇵🇸

No comments:

Post a Comment

Das Schweigen von Bundeskanzlerin Merkel ist ebenso traurig wie es ein Spiegelbild dessen ist, was ich die dunkle Seite von Merkels politischer Persönlichkeit nenne!

Vor drei Jahren verließ die ehemalige Bundeskanzlerin Angela Merkel scheinbar freiwillig, aber nicht ganz so freiwillig Merkel hinterließ de...