Saturday 26 June 2021

طبّاخ السم لابد ان يتذوقه في النهاية

٢٧ يونيو ٢٠٢١

لم اكن انوي ان اكتب هذا المقال اطلاقا ما دفعني لكتابة هذه السطور مشاهدتي لهذا الفيديو الدعائي لرئيس بلدية ديار بكر حسين بي_ط أوغلو الذي عينه الحزب الحاكم -بلا اي انتخابات بعد اعتقال رئيس البلدية الكردي- والذي يقف فيه الرجل ويقول أنه لا يبدأ نهاره في مكتبه بدون الوقوف لدقيقة أما صورة القائد أردوغان (العظيم) حسب وصف بي أوغلو ما جعلني أن اذهب لعوالم أخرى ذكرني فيها تلميذ أردوغان النجيب وهي البروبغندا الدائية التي كان يقدمها رفاق ماو تسي تونغ وقدمها وزير الدعاية النازية جوزيف جوبلز عن الزعيم النازي ادولف هتلر وقلت في نفسي ماذا عن لي كوان يو ماذا عن كونراد أدناور ماذا عن كونراد ادناور والقائمة طويلة ... 

بدأت الحكاية التركية بتخطيط كل ذلك عن طريق احد دهاة السياسة التركية احمد داوود أوغلو يظهر ذلك جليا في كتابيه الأول الذي صدر عام ١٩٩٣ (النماذج البديلة) والثاني الذي صدر عام ٢٠٠١ (العمق الاستراتيجي) كانت خطة داوود أوغلو الدخول استراتيجيا من خلال الثقافة والتعليم والاقتصاد لدول العالمين العربي والإسلامي كانت نظرة داوود أوغلو ان البحث عن أوروبا لن يسمن أو يعني من جوع ما لم يقنعوا بروكسيل أنهم جديرين بذلك ولكن هذه السياسة سكين ذو حدين لأنها تطلب حيوية في العملية الديمقراطية وتبادل أدوار وتفعيل اللامركزية الحقيقية ورفع مستوى الأقاليم البعيدة

كانت فرص نجاح هذه السياسة خصوصا في ظل ثورات بعض الدول العربية التي خرجت انظمتها عن نطاق الخدمة لكن ماذا حدث؟! الذي حدث باختصار شديد ان تركيا اهملت متطلبات النجاح في السياسة التي رسم معظمها داوود أوغلو من أهملها؟! -مع أنني لا احب رمي السلبيات على شماعة واحدة- لكن من المرات النادرة هناك شماعة واحدة يمكن الحديث أنها بكل تأكيد سبب تدهور تركيا وهو رجب طيب أردوغان طبعا لأن أردوغان بالإضافة أنه ليس متعلم بل أن جهله قاده للعجرفة والتطرف كيف كان ذلك ممكنا؟!

أردوغان الذي اقال معظم راسمي السياسة التركية الصاعدة وبذلك اطلق على قدميه الرصاص وأهمل المتطلب الأول وهو ضرورة حيوية التنقل الديمقراطي وتغاضى عن المتطلب الثاني وهو انهاء مركزية الحياة في تركيا فعمق مركزية اسطنبول اقتصاديا وانقره سياسيا وبالتالي فشل في المتطلب الثالث وهو تنمية المناطق النائية والنائية معا وهنا وصل الى حائط مسدود فاضطر لهندسة انقلاب لاضفاء شرعية دكتاتورية على قانون يعيد تركيا لدولة رئاسية يحول فيها منصب الرئيس لامبراطور والتحول من دولة صفر مشاكل لدولة لا تعيش بدون ازمات حتى اردت تلك الازمات من الخارج الى الداخل

ربما استطاع أنيس منصور خداع المسلمين بشكل عام والعرب بشكل خاص بصورة كبيرة عندما ترجم كتاب (المئة الأكثر تأثيرا في التاريخ) وعنون ذلك في ترجمته ب (العظماء المئة) والذي صور فيه لهم أن عمر بن الخطاب والمسيح ومحمد كانوا عظماء وهنا لا نقصد الاساءة لهم ولكن لايضاح فكرة ان التأثير تختلف عن العظمة وتخيلوا من سذاجة المستشهدين بهذه الترجمة نسوا ان القائمة تحوي هتلر وغيره من المجرمين واليوم يصمم الغالبية العظمى من الساذجينن ان يخدعوا أنفسهم رغم تطور الأدوات البحثية بصنع اصنامهم والامثلة هنا كثيرة لا حصر لها واردوغان مثالا جيدا لذلك
تخيلوا لم يجرؤ السيد لي كيوان يو -الذي نهض بسنغافوره من قعر الفقر لسدة هرم العالم في كافة المجالات- لفعل هكذا فيديوهات دعائية
ولن تجرؤ السيدة أنغيلا ميركل -التي استطاعت اكمال مشروع النهضة الألمانية باقتدار كبير- على محاولة التفكير بالصرف من مالها الخاص على الدعاية
وبكل بساطة يأتيك أردوغان بفيديو دعائي يصور فيه بمرتبة نصف إله وعدة أنبياء.

Wednesday 23 June 2021

من وحي الحقوق كيف نصنف الشيوعية؟! ‏

٢٣ يونيو ٢٠٢١

منذ سقوط الإتحاد السوفيتي وقد فقدت القوة الأمريكية منافسها فقدت واشنطن جزءا من ديناميكية الترتيب الاستراتيجي رغم ان سياسة الاحتواء كانت نتيجتها الانتهاء من القوة الشيوعية الخلل الحالي المصابة به الولايات المتحدة كانت نتيجة التفاجئ بسرعة استجابة العدو الأزلي للرأسمالية وهنا نخص الصين وروسيا حيث استطاعت كلا الدولتين منع انزلاقها في سراديب العتمة
ومع تردد فكرة في دول العالم المتأخر أننا قد جربنا الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي في فترات طويلة لماذا لا نجرب القوة الشيوعية الصينية لربما يكون واقعنا أفضل!!! هذه الفكرة الساذجة تؤكد ان دول العالم المتأخرة ستظل كذلك لفترات طويلة لاحقة لأنهم يفكروا فيمن سيقودهم وكأن القوة القادمة ستعمل من أجلههم يا للآسف!!!
وهذه الفكرة ساذجة لأنها ذات شقين الأول هو أن الشيوعية حكمت بالفعل ومازالت هنا دول جلها متأخرة بفضل انظمتها الشيوعية من خمسينات القرن الماضي على الأقل لذلك من الواجب طرح تساؤل هل الشيوعية أخلاقية؟! 

الدوافع أقل أهمية بكثير من السلوك نعلم جميعا هذه المعادلة المعيارية في الفارق بين الخطة والتنفيذ بحيث إذا كان لدى شخص ما نوايا حسنة لكنه يعامل الناس معاملة سيئة فإن تلك النوايا الحسنة لا تعني أنه بمجرد ذكر النوايا ان يتم الحكم على النوايا بالنهاية الحكم يكون على السلوك وكما هو الحال مع الأفراد كذلك الحال مع الحكومات والمدارس الفكرية السياسية من هذه المعادلة نستطيع القول بأن دوافع المدرسة الفكرية الشيوعية والاشتراكية تكاد تكون مثالية ووردية ولكن صورة الواقع تعكس سلوكا أسوء حتى من تلك التي كانت تمارس في زمن العبودية لذلك تظهر الرأسمالية أقل نبلا من الشيوعية بحيث يسعى الفرد في ظل الدول الرأسمالية لتحقيق النجاح بكل ما لديه فرديا (وهذا منطقي وواقعي فتحرير أفكار الأفراد ممكن خصوصا في ظل الاختلاف والتنوع) والرأسمالية هي التي أنتجت الحرية وهي وحدها انتشلت الملايين من الفقر مقابل سعي الأفراد في الدول الشيوعية والاشتراكية والقومية يكون لمشاركة الجميع في كل شيء على قدم المساواة (وهذا ممكن نظريا مستحيل واقعيا فمن غير الواقعي التساوي بين الطبيب والمهندس ناهيكم عن استحالة المساواة في ظل التنوع والاختلاف) ولكن الشيوعية أبقت على الملايين فقراء وبدون استثناء وسحقت الحرية

الرأسمالية بكل عيوبها يمكن محاكمتها بل واعادة هيكلتها أما الشيوعية مهما كانت نواياها الحسنة المعلنة تقود إلى الدكتاتورية والعنف وانهارها يقود لتفتيت المجتمع ومع ذلك فإن المعظم إما يتجاهلون أو ينكرون نفق هذه الأيديولوجية شديد الظلام التي خلقت في غضون ٦٠ عاما فقط الشمولية الحديثة حرمت المزيد من الناس من حقوق الإنسان وعذبت وقتلت أناسا أكثر من أي أيديولوجية في التاريخ لكن كيف يمكن أن نفسر هذا؟!

هناك طريقتان:
الأولى الجهل: بحيث أن معظم العامة لا يعرفوا حقيقة الشيوعية لأن العامة ينساقوا خلف شعرات الشيوعية والاشتراكية الرنانة والتي في الغالب تتدغدغ العواطف بقضايا حيوية من رح البسطاء وتصور الحلول بسذاجة ومثالية شبه مطلقة وترتكن في العادة إلى مبدأ الثورة وعدم الانصياع لفترات طويلة ويمكن مشاهدة ذلك أن معظم المنتمين للحركات الارهابية كان شيوعيين واشتراكين سابقيين والأمثلة كثيرة
والثانية الإمعان في حدة المعرفة: يعرف المنتمين للمدارس الشيوعية والاشتراكية الحقيقة لكنهم يختارون تجاهلها لأن حقيقة أهوال الشيوعية مؤلمة للغاية بحيث لا يمكن مواجهتها لكن لماذا من المهم أن يعرف الجميع ما فعلت الشيوعية؟

فيما يلي ثلاثة أسباب:
أولا: هناك التزام أخلاقي تجاه ضحايا الشيوعية ألا ننساهم تماما كما يقع على عاتق الأمريكيين التزام أخلاقي بتذكر ضحايا العبودية مثلا يجب ان يكون هناك الالتزام نفسه تجاه مليار ضحية للشيوعية خاصة المئة مليون الذين قتلوا
ثانيا: أفضل طريقة لمنع تكرار الشر هو مواجهته حقيقة أن عددا من الناس اليوم خاصة الفئة الشابة يذكرون الشيوعية كخيار قابل للتطبيق للمجتمع الحديث تثبت أنهم لا يعرفون السجل الأخلاقي للشيوعية لذلك فهم لا يخشون الشيوعية مما يعني أن هذا الشر قد يحدث مرة أخرى ولماذا يمكن أن يحدث مرة أخرى؟ هذا يقودنا إلى السبب رقم ثلاثة
ثالثا: كان قادة الأنظمة الشيوعية والعدد الهائل من الأشخاص الذين ساعدوا هؤلاء القادة في التعذيب والاستعباد والقتل أشخاصا عاديين تقريبا بالطبع كان البعض من المرضى النفسيين لكن معظمهم لم يكونوا كذلك مما يعني أن أي مجتمع بما في ذلك المجتمعات الحرة يمكن أن يتحول إلى شيوعية أو إلى شر مماثل

الآن بعض الحقائق استنادا إلى الكتاب الأسود الرسمي للشيوعية الذي كتبه ستة علماء فرنسيين ونشرته مطبعة جامعة هارفارد في الولايات المتحدة فيما يلي عدد الأشخاص الذين قتلوا على أيدي الأنظمة الشيوعية المدنيون فيتنام: ١ مليون إنسان، أوروبا الشرقية: ١ مليون انسان إثيوبيا: ١.٥ مليون إنسان كوريا الشمالية: ٢ مليون إنسان كمبوديا: ٢ مليون إنسان الاتحاد السوفيتي: ٢٠ مليون إنسان الصين: ٦٥ مليون إنسان (هذا الحد الأدنى من الأرقام) وبالطبع لا تصف هذه الأرقام المعاناة التي عانى منها مئات الملايين من الأشخاص الذين لم يقتلوا كالتجريد الممنهج للناس من حقهم في التحدث بحرية وبدء عمل تجاري أو حتى السفر ولا توجد سلطة قضائية أو وسائل إعلام غير شيوعية وفقر معظم الدول الشيوعية تقريبا سجن أعداد كبيرة من الناس وبالطبع الصدمة التي عانى منها مئات الملايين من أصدقاء وأقارب القتلى والمسجونين

هذه الأرقام لا تخبرك عن الملايين في معسكرات الاعتقال السوفيتي الشاسعة في سيبيريا المعروف باسم جولاج أو الممارسة الروتينية للشيوعيين الفيتناميين المتمثلة في دفن الفلاحين أحياء لإرهاب الفلاحين الآخرين لدعم الشيوعيين أو استخدام ماو تسي تونغ المنتظم للتعذيب الشنيع لمعاقبة المعارضين وترهيب الفلاحين في الصين أولئك الذين يحبون الناس منكم يجب أن يكرهوا الشر إذا كانت الشيوعية شر عليك أن تكرهها وتعلم أنها نظام غير أخلاقي.

Sunday 20 June 2021

الإنتخابات الأثيوبية … غدا ‏

٢١ يونيو ٢٠٢١

تشهد إثيوبيا غدا الإثنين إنتخابات في ظل حرب ومجاعة في الشمال وشكوك جادة في نزاهتها. في وقت وعد فيه رئيس الوزراء آبي أحمد بتنظيم انتخابات تكون الأكثر ديموقراطية في تاريخ ثاني أكبر بلد أفريقي من حيث عدد السكان حيث أن تاريخ القمع واتهامات التزوير التي سجلتها الإنتخابات في الماضي لطخة سمعة الديمقراطيه ونزاهة الإنتخابات في وقت يسعى رئيس الوزراء والذي أطلق سراح مئات المعتقلين السياسيين للحصول على تفويض شعبي كبير بعد ٣ سنوات من إحداثه تغييرا كبيرا في البلاد صاحبته اضطرابات عنيفة وتجدر الإشارة إلى أن الإنتخابات تأجلت مرتين مرة على خلفية جائحة #فيروس_كورونا_المستجد #كوفيد١٩ 🦠 والثانية لإتاحة مزيد من الوقت للجنة الانتخابات لكنّ آبي مؤخرا دعا الناخبين للمشاركة في (يوم تاريخي) في ٢١ من يونيو

سياسة آبي أحمد سعت خلال رئاسته إلى أزمات من أجل توحيد الأقاليم الأثيوبية حوله إلى أن ازمة الانفصاليين في إقليم تييغراي قلبت المعادلة حيث يرى الملايين من الإثيوبيين أن الإنتخابات ستجري في ارجاء البلاد اسميا فقط حيث لن تجرى في نحو خمس الدوائر الانتخابية البالغ عددها ٥٤٧ دائرة حيث أن بعض المناطق غير آمنة لعقد الانتخابات فيها كونها تشهد اضطرابات مسلحة وعنفا عرقيا تفاقم في عهد آبي أحمد وفي مناطق أخرى لم تكن لجنة الانتخابات جاهزة مع وجود أخطاء في الطباعة على أوراق الاقتراع ومشكلات لوجستية أخرى ما يجعل إجراء انتخابات عامة في الوقت الحالي أمرا مستحيلا

ومن المفارقات العجيبة أنه لم يتم تحديد موعد لإجراء الانتخابات في إقليم تيغراي الذي يمزقه الحرب أقصى شمال البلاد حيث تقول وكالات الأمم المتحدة إن ٣٥٠ ألف شخص يواجهون المجاعة وتم توثيق جرائم بحق السكان وتمثل منطقة تيغراي ٣٨ مقعدا في البرلمان الوطني لكن مصيرها السياسي يلقي اهتماما دوليا أقل من المحنة القاسية التي يواجهها سكانها البالغ عددهم ٦ ملايين نسمة ويتفشى الجوع في الإقليم بعد ٧ أشهر من إرسال آبي لقوات فدرالية واعدا بحملة سريعة للإطاحة بحزبها الحاكم المعارض وبناءا على ذلك تضررت سمعة آبي بشدة كإصلاحي وصانع للسلام حتى مع صمود إدارته بمواجهة الانتقادات الدولية

وتجدر الإشارة إلى أنه حتى في المناطق التي تجري فيها عملية التصويت تقاطع بعض أحزاب المعارضة الاقتراع احتجاجا على سجن قادتها مع مخاوف أخرى بشأن نزاهة العملية وقال كبير المحللين في مجموعة الأزمات الدولية وليام دافيسون إن الاقتراع غير الكامل قد يسمح لآبي وحزب الرخاء الحاكم بالفوز بأغلبية مريحة وتشكيل حكومة وأضاف (لكن في ظل هذا السيناريو ستظل هناك شكوك كبيرة حول مصداقية العملية في نظر العديد من الإثيوبيين وكذلك المراقبين الدوليين) وقال الاتحاد الأوروبي في مايو إنه لن يرسل مراقبين إلى صناديق الاقتراع مشيرا إلى عدم التوصل إلى اتفاق مع الحكومة الإثيوبية بشأن قضايا أساسية مثل الاتصالات واستقلال المراقبين

وسيختار الناخبون ممثليهم في البرلمان الوطني والبرلمانات الإقليمية
وينتخب نواب البرلمان الوطني رئيس الوزراء وهو رئيس السلطة التنفيذية وكذلك (الرئيس) وهو منصب شرفي إلى حد كبير فوز الحزب الحاكم الحالي بالإنتخابات القادمة وارد في ظل توتر داخلي شعبي كبير ورفض المعارضه للمشاركة! ولكن هذا يقابله الإستعداد الداخلي لتفجر الوضع بعد أن إهتزت صورة الحزب الحالي الحاكم خاصة بعد التسريب الصوتي لرئيس الوزراء أحمد آبي الذي انتشر خلال الأيام الماضية والذي قال فيه باللغة الأمهرية وتمت ترجمته بأنه (يفضل الموت عن ترك السلطة وأنه لايجب أن يتولي السلطة شخص آخر خلال العشر سنوات المقبلة وسيتم اتخاذ العديد من الإجراءات القوية التي حان الوقت للعمل بها وأنه سيكون هناك دماءا هائلة) وبالرغم أن الحزب الحاكم قال أن هذا التسريب مفبرك إلا أنه يتماشى مع المعطيات الواقعية للحال الداخلي الأثيوبي فشعبية آبي داخليا وخارجيا على المحك خاصة بعد أن سقط أكبر حليف لآبي وهو نتنياهو والذي أسقطته المعارضة الإسرائيلية وعزوف أوروبا عن مراقبة الإنتخابات هو بمثابة التخلي عن حليفهم الأثيوبي الذي يحكم الداخل بقبضة من الحديد والنار وذلك متزامن مع التصريحات الأمريكية التي لا تتناسب ومصلحة آبي السياسية خاصه فيما يتعلق بإقليم تغراي وسد النهضه والتي جاءت بعد إجتماع القمة بين بوتن وبايدن

العالم الآن تتجه أنظارة إلى نتائج الإنتخابات الأثيوبية القادمة والتي ستعكس بظلالها على ملفات شائكة كملف سد النهضة ومن شأن هذه الإنتخابات أن تغير صورة المشهد السياسي للمنطقه فإن فاز آبي فأديس أبابا موعودة بإحتجاجات وفوضى وإن خسر الحزب الحاكم الحالي الحكم فسيتغير المشهد السياسي في المنطقه الأفريقية.

Thursday 17 June 2021

الواقع بين سندان الحقيقة ومطرقة التغيير (الإستقرار الإستراتيجي العالمي) ‏

١٧ يونيو ٢٠٢١

ذكر البيان الأمريكي الروسي المشترك بعد لقاء الرئيس الأمريكي جو بايدن والرئيس الروسي فلاديمير بوتين في مدينة جينيف السويسرية التي عنونتها بقمة (تأبط شر) حيث اتفق الطرفان على إطلاق حوار عاجل وموسع بين واشنطن وموسكو حول الاستقرار الاستراتيجي في أقرب وقت
في اي المساقات يمكن فهم مفهوم الاستقرار الاستراتيجي؟!
ارتبط مفهوم الاستقرار الاستراتيجي (Strategic Stability) تقليديا بعلاقة دولتين نوويتين مستقرتين وكان هذا الارتباط في السابق ملتصق باطار التنافس بين الولايات المتحدة الأمريكية (حلف شمال الأطلسي الناتو) والاتحاد السوفييتي (حلف وارسو) وارتكز المفهوم على فكرة الردع النووي المتبادل للحيلولة دون الاتجاه نحو تصعيد غير محسوب ربما ينتهي بحرب شاملة لكن مع انهيار الإتحاد السوفيتي -الذي يعتبره بوتين خطأ استراتيجي يجب عدم تكراره- وبالضرورة انهار حلف وارسو الذي كانت عماده ان الاتحاد السوفيتي يبني قوته على السلاح وبالضرورة على الحروب وبالتالي انتهت المنافسة بشكل مؤقت،

في عام ١٩٩٠ حددت الولايات المتحدة والاتحاد السوفييتي الاستقرار الاستراتيجي بأنه عبارة عن (غياب الحوافز) لأي دولة لشن أول ضربة نووية لكن مع بداية القرن الواحد بعد العشرين تصاعدت مؤشرات تصدع الاستقرار الاستراتيجي في ظل تآكل الاتفاقيات القائمة للحد من التسلح ناهيكم عن التنافس المتزايد بين أمريكا وروسيا من جهة ودخول الصين من جهة أخرى في الوقت الذي تتراجع فيه أشكال التعاون المؤسسي وبعد انهيار الإتحاد السوفييتي قررت واشنطن أن القيود المتبادلة على سباق التسلح مع موسكو لم يعد يخدم مصالحها باعتبار أن روسيا لم تعد منافسا مُكافئا لها لذا أعلن الرئيس الأمريكي جورج دبليو بوش عام ٢٠٠٢ الانسحاب من معاهدة الصواريخ المضادة للصواريخ الباليستية ABM والتي طالما اعتبرتها موسكو حجر الزاوية للاستقرار الاستراتيجي على مدار ثلاثين عاما وجاء الرد الروسي عبر تطوير أسلحة هجومية استراتيجية تهدف للتغلب على أنظمة الدفاع الصاروخي الأمريكية وقد مثّلت هذه المتغيرات بداية حقبة جديدة من التنافس الأمريكي-الروسي أسفر عن العديد من التطورات لعل أبرزها إعلان واشنطن (وأعقبها موسكو) عن تعليق مشاركتها في معاهدة الصواريخ النووية متوسطة المدى INF عام ٢٠١٩ وكانت في ذلك الوقت لا تزال الشكوك تهيمن على مستقبل المعاهدة الجديدة للحد من الأسلحة الاستراتيجية (نيو ستارت) والتي تنتهي صلاحيتها هذا العام والذي أعلن اليوم أنه سيتم العمل بها مجددا ليحد من سباق تسلح عالمي جديد،

لذا فقد تغيّر مفهوم الاستقرار الاستراتيجي بشكل جذري خلال العقد الأخير بما في ذلك أدوات منع نشوب صراع نووي وبالتالي باتت هناك حاجة ملحة لإعادة بلورة العديد من المفاهيم وفقا لمعطيات القرن الحالي للحفاظ على الاستقرار الاستراتيجي،

في عام ٢٠١٦ اقترحت روسيا والصين استبدال مفهوم الاستقرار الاستراتيجي وإحلال مفهوم (الاستقرار الاستراتيجي العالمي) بدلا منه باعتبار أن المفهوم التقليدي للاستقرار الاستراتيجي والذي ينطوي فقط على الأسلحة النووية لم يعد فاعلا في السياق الدولي الراهن ويتضمن تعريف روسيا الجديد للاستقرار الاستراتيجي مفهومين رئيسيين يرتبطان بأمن شمال أوروبا يشير المفهوم الأول إلى فكرة (الحشد العسكري المفرط) والذي يُسمى (البناء العسكري) وهو مصطلح شامل لجميع الأنشطة التي تهدف إلى زيادة القوة العسكرية للدولة أما بالنسبة للمفهوم الثاني هو أن روسيا (مجبرة) على استعادة التوازن من خلال التدابير المضادة وكان دائما رد (الناتو) على تحركات روسيا يكون بشكل معتدل من خلال التدريبات العسكرية التي تعزز قدرات الدفاع الجماعي والانتشار الرمزي لكن روسيا تعتبر أن هذه الأساليب مُزعزعة للإستقرار وتتطلب المزيد من الاستجابات وتعكس ديناميكية استمرارية التوترات العسكرية في شمال أوروبا وتنظر روسيا منذ عشرينيات القرن الماضي إلى شمال أوروبا كمنطقة عازلة استراتيجية ولم تكن موسكو تنظر إلى بلدان الشمال الأوروبي نفسها على أنها تهديدات لكنها كانت قلقة من أن أرضها يمكن أن تُستخدم من قِبل قوى عظمى أخرى لمهاجمة روسيا وتعتقد موسكو أنها بدأت تفقد عمقها الاستراتيجي في المنطقة منذ عام ٢٠١٤ بسبب زيادة مشاركة الناتو في أمن شمال أوروبا وقد انعكست هذه النظرة في العقيدة العسكرية الروسية، 

في عام ٢٠١٤ أقرت روسيا بأن نشر الوحدات العسكرية الأجنبية في البلدان المتاخمة لروسيا يمثل تهديدا عسكريا لموسكو وقد اعتبرت العقيدة العسكرية الروسية الجديدة أن جميع أشكال استعراض القوة أثناء التدريبات العسكرية في هذه البلدان والأراضي البحرية المجاورة لها هي بمثابة تهديدات عسكرية ولم تقتصر الاعتراضات الروسية على نشر الوحدات العسكرية أو إجراء التدريبات المشتركة بل باتت تشمل البنية التحتية العسكرية للناتو حيث اعترضت موسكو على بناء منظومة جديدة لمحطة رادار في (فاردو) في شمال النرويج حيث أن روسيا تشتبه في أنه يمكن استخدامه لنقل معلومات حول إطلاق الصواريخ الباليستية الروسية إلى نظام الدفاع الصاروخي الباليستي BMD التابع لحلف الناتو وردت موسكو على ذلك بالإعلان أن نشر رادار أمريكي في هذه المنطقة ليس شأنا للنرويج وحدها بل يتعلق الأمر بالسياق العام للحفاظ على الاستقرار والقدرة على التنبؤ في الشمال ومن ثَمَّ سوف تقوم روسيا بالرد للحفاظ على أمنها الخاص.وكثيرة هي الأمثلة على الإعتراضات الروسية على تحركات الناتو العسكرية حول الدول المحيطة بروسيا وغيرها،

وفقا للمنظور الروسي يرتكز الاستقرار الاستراتيجي بشكل أساسي على تصور العلاقات العالمية بين روسيا وحلف شمال الأطلسي ويتمخض عن هذا التفكير الاستراتيجي بأن على موسكو مواجهة جميع الإجراءات -مهما كانت صغيرة- والتي تُشكِّل تحديات لتفوقها العسكري الإقليمي وبناءا على هذا المنطق فيمكن لبضع مئات من الجنود الأمريكيين أن يتسبّبوا في سباق تسلح إقليمي لكن لا يمكن لعملية تراكم الأسلحة الاستراتيجية الروسية أن تُحدث ذلك لذلك يجب أن تدرك دول شمال أوروبا أن مفهوم روسيا عن الاستقرار الإقليمي يختلف اختلافا جوهريا عن مفهومها فقد تعتبر روسيا التعاون الدولي بين الآخرين أو حتى جهودهم للحفاظ على أمنهم الوطني مُزعزِّعا للاستقرار الروسي ونظرا لأن الهدف من إجراءات الردع الروسية هو التأثير على عملية صنع القرار، فإن الاستعداد لمواجهتها يعد أمرا أساسيا في منع هذه الإجراءات من تحقيق تأثيرها المقصود.

📍 A message to the Global South: "Don't fall victim to the Russians"

The dictatorial Vladimir Putin's regime classifies feminist, liberal and centrist movements as terrorist targetsAt the same time, they p...