١٥ فبراير ٢٠٢١
كيف يمكن قراءة خريطة المؤسسات الصلبة أو دائرة القرار التي تحكم واشنطن او بكلمات بسيطة ما هي أهم ركائز الدولة العميقة؟!
تقوم الدولة العميقة بالعموم على ثلاث ركائز
1️⃣ التخطيط والتنظيم ومن أهم مؤسساتها 👇🏼
وزارة الدفاع كبار جنرالات الجيش
وزارة الخارجية
فريق الأمن القومي
والأهم وكالة الإستخبارات المركزية CIA
2️⃣ التنفيذ والإدارة ومن أهم مراكزها 👇🏼
قوى المال وول ستريت والشركات العابرة للقارات
3️⃣ الدعاية والإعلان والإعلام والإنتشار ومن أهم فاعليها 👇🏼
مؤسسات الإعلام بشقيها القديم والحديث ومكاتب العلاقات العامة،
لم يكن لرجل الأعمال دونالد جون ترمب ليصل لرئاسة الولايات المتحدة الأمريكية 🇺🇲 دون ضوء أخضر من الدولة العميقة فهي التي سمحت له بالوصول على حساب واحدة من أبرز رموز الدولة العميقة السيدة #هيلاري_كلنتون لكن ماذا حدث؟! اعتقد ترمب بسذاجته أن جماهيريته الطاغية أنه يستطيع مناكفة الدولة العميقة على غرار رؤساء سابقين للبيت الأبيض ومن أبرزهم جون كينيدي، جيمس جارفيلد وابراهام لينكولن فلعب ترمب بالنار فقررت الدولة العميقة إزاحته وتأديبه بأقسى طريقة ممكنة ليكون عبرة لغيره كان عزل ترمب لوزير خارجيته ريكس تيلرسون بداية انقطاع حبل الود بين ترمب والدولة العميقة وتجاوز ترمب الخط الأحمر فعزل مستشار الأمن القومي الجنرال مكماستر ثم ذهب بعيدا فعزل وزير الدفاع الجنرال ماتيس وحينها أدركت الدولة العميقة أن ترمب استطاع تأسيس دولته العميقة الخاصة به والمكونة حسب زعمه من ٨٠ مليون امريكي على الأقل وبدأ يتحدث علنا عن أنه سيقضي على الفساد في واشنطن أي الدولة العميقة (DRAIN THE SWAMPS) وهنا تم اتخاذ قرار إزاحته فهو هنا يريد أن يقضي على الدولة العميقة ويؤسس امريكا على قواعد جديدة على غرار الآباء المؤسسين،
الدولة العميقة قرّرت إزاحة ترمب ولذا فإن أي مرشح ديمقراطي سيفوز بالرئاسة ولذا اختارت #جو_بايدن من ضمن المرشحين الستة الديمقراطيين لأنه غير قابل للإنتخاب في ظروف طبيعية وفشل في الترشح للرئاسة مرتين قبل ذلك جاء اختيار بايدن أيضا لأن المرحلة تتطلب وجود رئيس صورة فقط تستطيع الدولة العميقة التحكم به بشكل صريح وبايدن مثالي لذلك،
الحرب على ترمب كانت الأشرس عبر التاريخ السياسي وليس فقط التاريخ الأمريكي وشملت 1️⃣ الهجوم الإعلامي الشرس 2️⃣ حرب تأليف الكتب حيث تم استقطاب ابنة شقيق ترمب لتكتب كتابا تهجوه فيه وكتاب بوب وودوورد أحد أبرز المواليين للدولة العميقة وكتاب جون بولتون مستشاره السابق للأمن القومي وعشرات غيرهم والصورة التي ارادت هذه الحرب رسمها ترمب سئ ويجب أن يرحل من سوء حظ الدولة العميقة أن كل هذا الهجوم الشرس على ترمب زاد تعلّق أنصاره به فتم استغلال جائحة #فيروس_كورونا_المستجد #كوفيد١٩ 🦠 لاستخدام التصويت بالبريد ورغم كل ذلك حصد ترمب أهم ولايتين: فلوريدا واوهايو في يوم الإنتخابات وكان فائزا بلا جدال وصوت له ٧٥ مليون أمريكي،
الدولة العميقة لم تستخدم مخالبها وأنيابها ضد ترمب إلا يوم ٦ يناير بعد حادثة اقتحام الكونجرس بعد هذا اليوم أدرك ترمب أن الدولة العميقة التي قال إنه سيغرقها قد أغرقته فهي تملك كل مراكز القوى والأدوات وتملك رموز الجمهوريين فقرّر رفع الراية البيضاء وطلب السلامة حتى حين رحل ترمب لمنتجعه وانتظر نتيجة محاكمته والتي انتهت بتبرئته،
مع الملحظة أن موافقة الديمقراطيين أمس على التصويت وعدم استدعاء شهود ليس حبا في ترمب بل لأن الشهود تحت القسم وقبة الكونجرس سيقولون الحقيقة والحقيقة فقط خصوصا فيما يتعلق بالإنتخابات قد تكشف فضائح تدمّر الحزب الديمقراطي والجمهوري معا الجمهوريون السبعة الذين صوتوا لعزل ترمب أمس كلّهم لديهم خصومة شرسة مع ترمب وتصويتهم كان مدفوعا بالإنتقام الشخصي
وبعد تبرئته قال ترمب في بيان مقتضب أنه سيستأنف نشاطه السياسي فماذا سيفعل؟! لا أعتقد أنه سيؤسس حزب جديد فهو سيد الحزب الجمهوري حاليا بلا منازع والحزب بدونه ممزّق ومشتّت بلا قيادة
الجمهوريين الآن في وضع معقد بعض الشئ حيث يوجد حاليا في الحزب ثلاث تيارات:
التيار الأول: هو التيار الترمبي والذي يمثل الجزء الاكثر تشددا في الحزب والذي يتحرق شوقا لمواجهة الديموقراطيين وكسر عظم من يعارضهم من الجمهوريين بحيث اما ينضموا لهم او يخرجوا من الحزب طوعا او جبرا
التيار الثاني: هو الرافض لترمب والذي لا يريد التخلص منه فقط بل ويريد التخلص من ارثه ايضا لانهم يرون انه وصمة يجب تطهير الحزب منها هؤلاء ايضا يتشوقون لمواجهة التيار الترمبي وكسر عظمهم لكنهم ليسوا بالضرورة راغبين في التعاون مع الديموقراطيين خارج نطاق معاقبة ترمب وان كانوا اقرب من غيرهم من الجمهوريين لاحتمال التعاون في نقاط او مشاريع محدده وفي نطاق ضيق جدا لتحقيق اهداف مشتركه وبالعكس قد يتعمدون التصعيد ضد بعض بنود اجندة بايدن بغرض اثبات ان معارضتهم لترمب اخلاقية وليست مبدأيه بمعنى انهم حريصين كغيرهم او اكثر على الاجندة المحافظة
التيار الثالث في الحزب: هو التيار الذي لا يؤيد ترمب لكنه لا يريد مواجهته هذه الفئه اما تخشى المواجهه او ترى ببساطة ان ترمب مرحلة وانتهت وانه لا يجب مواجهتها حتى لا يتم خسارة اي مكاسب تحققت من خلالها القطاع الثاني الذي لا يريد خسارة المكاسب تحديدا هم من يسعون لمسك العصا من المنتصف كما رأينا السيناتور ميتش مكونيل يحاول ان يفعل بعد جلسة تبرءة ترمب المشكله التي يواجهها هذا التيار تكمن في حقيقة ان التيار الترمبي غير مستعد للمهادنه ويريد السيطرة على كل شئ مهما كان الثمن لكنهم يفكرون بان هذه مرحله ستنتهي سريعا لانهم يعتقدون ان ترمب كشخصية سياسية سيختفي اسرع مما يتوقع محبيه واعداءه على حد سواء ترمب في المقابل لديه الدافع والأموال ولذا قد يؤسس منصاته الإعلامية الخاصة به وهناك حديث حول تأسيس قناة تلفزيونية تكون بديلا لقناة فوكس نيوز الجمهورية التي انقلبت عليه يوم الإنتخابات ولديه جمهور ضخم ومخلص له ربما يتجاوز نصف سكان امريكا والأهم أنه مؤمن أنه لم يخسر الإنتخابات بل تم إبعاده عن الرئاسة
لو دققنا فيما يطرح على الساحة السياسية هذه الايام سنجد من يستشهد ب ساره بالين التي برزت بشده بنفس الاسلوب الهجومي المتشدد الذي ميز ترمب وكيف اصبحت واجهه للحزب الجمهوري في فترة من الفترات حتى جزم البعض انها هي مستقبل الحزب الجمهوري فقط لتختفي سريعا بعد خسارة انتخابات عام ٢٠٠٨ التي كانت مرشحة نائب الرئيس فيها هم يعتقدون ان قطاعا لا بأس به من الناخبين الذين استثارت بالين حماسهم وتأييدهم نسوها لكنهم لم ينسوا حماسهم للحزب وانهم حصدوا هذا الحماس في انتخابات عام ٢٠١٠ التي تمكن من خلالها حزب الشاي من حصد هذا الحماس وانتزاع اغلبية مجلس النواب لصالح الجمهوريين لذلك هم يريدون مهادنه الناخبين المتحمسين قدر المستطاع بدل الدخول في مواجهه معهم كما يسعى التيار الرافض لترمب ان يفعل احجام هذه التيارات غير واضحه تماما لكن يمكننا ان نأخذ لمحة عن حجم التيار الرافض لترمب تماما من تصويتين حدثا في مجلس النواب حيث صوت ١٠ مع عزل ترمب و ١١ مع طرد السيناتور غرين من اللجان كما يمكن اخذ لمحة مشابهه من تصويتات مجلس الشيوخ خلال المحاكمة حيث صوت بين ٥ و ٧ ضد ترمب في الاسئلة المختلفه المطروحه
التيار الترمبي في المقابل لا يوجد حاليا الا تصويت واحد يمكن ان نفصل من خلاله بينهم وبين المهادنين وهو التصويت السري الذي تم على قرار طرد ليز تشيني من منصبها القيادي في مجلس النواب حيث صوت ٦١ نائب جمهوري فقط لصالح طردها بينما صوت اكثر من الثلثين لبقاءها في المنصب هذه الارقام توضح انه في هذه اللحظه لايمثل اي من التيارين (المؤيد لترمب والمعارض له) اغلبية كبيرة في الحزب تمكنه من كسر عظم التيار الآخر وان كانت المؤشرات توضح ان التيار الترمبي اكبر من التيار الرافض لترمب في المطلق وبالتالي يمكننا ان نستنتج انه اذا لم يتحقق امل المهادنين باضمحلال صورة ترمب سريعا كما يأملون فان التيار الترمبي رغم انه لن يسيطر على الحزب تماما الا انه سيبقى كتله قويه متماسكه تسمح لترمب بفرض نفوذ كبير على الحزب خلال الاشهر الممتده من الآن وحتى الانتخابات النصفية في العام القادم،
طبعا هناك امل آخر لدى التيار المهادن بان يقوم الديموقراطيين بالمهمة بدلا منهم عن طريق جر ترمب للمحاكم من خلال التحقيقات المختلفه المفتوحه ضده حاليا في عدة ولايات او حتى من خلال الادعاء الفيدرالي لكن هذا الاحتمال يواجه عقبتين الاولى هي (هل يوجد فعلا ادله كافيه لادانة ترمب في المحاكم؟) والثانية (هل الديموقراطيين غاضبين فعلا من ترمب بدرجة تفوق رغبتهم في استمرار واتساع الشق والصراع داخل الحزب الجمهوري الذي سيتسبب فيه بقاء تأثير ترمب مستمرا؟) كلا السؤالين لايمكن الاجابة عنه حاليا فبخصوص السؤال الاول نحن لا نعرف بعد كل الادله الموجوده ومدى امكانية تحقيق الادانة الجنائية وبخصوص السؤال الثاني لا يمكن ان يعترف الديموقراطيين انهم سيفضلون مصلحتهم السياسية على ما يرددون كل يوم انه واجبهم الاخلاقي لذا فلا نستطيع ان نعرف ما الذي سيفعلونه بالضبط في النهاية،
الديمقراطيون وأذرعهم لم ينتهوا من ترمب وسيلاحقونه بكل وسيلة ممكنة إما برفع قضايا جنائية أو تصعيد قضاياه السابقة
هناك رؤيتان حول مستقبل ترمب
الرؤية الأولى أن قرار الدولة العميقة بإبعاده نهائيا ولذا ستتم ملاحقته حتى النهاية وربما تفعيل خيار تصفيته كما جرى في الرئيسين السابقين أيزنهاور وكينيدي
الرؤية الثانية أن الدولة العميقة قد تعيده بعد أن يتم تهذيبه وتأهيله الدولة العميقة تدرك خطورة عزل ترمب وجمهوره عن المشهد السياسي فهذا سيتسبب بوصول الإنقسام إلى درجة اللاعودة ويهدّد النسيج الإجتماعي الأمريكي وقد نشهد حربا أهلية من جديد
ولذا فقد ترى أن الأسلم هو تبادل السلطة بين اليسار المتطرف وبين المحافظين قد يكون ترمب أو سياسي آخر مثله من مثل ابنته ايفانيكا أو وزير الخارجية السابق مايك بومبيو مثلا المؤكد هو أن امريكا حاليا في حالة انقسام ايدولوجي حادّ ومنظمات اليسار واليمين في حالة احتقان وهناك اعلام مضلّل ومنحاز وتجاوز على الحريّات لا تخطئه العين وحالة خوف وترقب شعبية من القادم ربما أن ترمب تعلم الدرس مما حدث له وربما لا فهو ارتكب أخطاء كبيرة مثل ثقته فيمن كانوا ضدّه (جون بولتون مثالا) ومثل تهميش المستشارين نتيجة لنرجسيته العالية والسؤال هنا هل سيعود ترمب السابق أم أنه بنسخة جديدة مُهذّبة تعرف حدود صلاحياتها دون تجاوز الخطوط الحمر للدولة العميقة،
كل هذا الحراك والاسئلة والاسئلة المضاده يجعل من الفتره القادمة فترة حساسة وساخنه جدا في السياسة الامريكية خصوصا في ظل قدوم ادارة جديدة تواجه تحديات صعبه وتحمل اجنده طموحه تريد تحقيق اكبر قدر ممكن من بنودها بالتالي علينا ان نشد الاحزمه فنحن امام رحلة سياسية مثيرة جدا ننتظر التطورات.
No comments:
Post a Comment