بالرغم أن فرنسا هي الدولة الأوروبية ذات الإستراتيجية الأكثر إنجازًا إلا أنها ربما تكون أيضًا الدولة الأكثر سوءًا في الفهم
من المثير للاهتمام أنه قبل ٢٤٠ عامًا بالضبط هزمت البحرية الفرنسية البحرية البريطانية في خليج تشيسابيك مما مهد الطريق للانتصار في يورك تاون واستقلال الولايات المتحدة الأمريكية
قبل رحلة الرئيس الفرنسي إيمانوييل ماكرون إلى اليابان وبولينيزيا الفرنسية في تموز (يوليو) نشرت الحكومة الفرنسية (إستراتيجية المحيطين الهندي والهادئ) هذه الوثيقة المكونة من ٦٦ صفحة لا مثيل لها في أوروبا وتؤكد أن فرنسا في طليعة وضع المفاهيم وتنفيذ استراتيجيتها الخاصة تختلف فرنسا عن الدول الأعضاء الأخرى في الاتحاد الأوروبي لأن لها مصالح سيادية في المنطقة حيث يعيش أكثر من ١.٦ مليون مواطن فرنسي في أقاليم ما وراء البحار في المحيطين الهندي والهادئ حيث لا يمكن اعتبار باريس لاعبا متفرجًا في المحيطين الهندي والهادئ إنها قوة مقيمة
كانت الرحلة من إفريقيا إلى المحيطين الهندي والهادئ لإرسال الطاقة إلى بولينيزيا الفرنسية في جنوب المحيط الهادئ في أقل من ٤٠ ساعة -ولأول مرة في يونيو ٢٠٢١- كانت مكونة من ثلاث طائرات رافال واثنتان من طراز A330 متعدد الأدوار للنقل واثنتان من طراز A400M وهي دليلاً واضحًا على القوة الفرنسية المميزة ومع ذلك سيكون من الخطأ الاعتقاد بأن مصالح فرنسا في المنطقة يمكن تلخيصها في المصالح الأمنية فقط في حين أن استراتيجية المحيطين الهندي والهادئ تتعلق جزئيًا بالصين فهي غير متعلقة بمعادلة مع الصين أو ضد الصين فقط
تعتبر التفاقية مع كل أستراليا (٢٠١٣) والهند (١٩٩٨) واليابان (١٩٩٥) الشركاء الاستراتيجيين الرئيسيين الثلاثة في منطقة المحيطين الهندي والهادئ حيث يوجد الآن حوار فرنسي ـ ياباني (منذ الشراكة الاستثنائية عام ٢٠١٣) وحوار فرنسي ـ أسترالي (منذ أغسطس ٢٠٢١) أو ما يسمى بالحوار الثنائي ٢+٢ تدعم فرنسا العديد من المبادرات المتعددة الأطراف في منطقة المحيطين الهندي والهادئ والتي تهدف إلى تعزيز الاستجابة للكوارث الطبيعية والتكيف بشكل أفضل مع تغير المناخ وحماية التنوع البيولوجي (مثل مبادرة Kiwa) ومكافحة الصيد غير القانوني وما إلى ذلك تعمل فرنسا أيضًا على زيادة حضورها الدبلوماسي في المنتديات الإقليمية. انضمت إلى جمعية حافة المحيط الهندي (IORA) في ديسمبر ٢٠٢٠ وترأست الندوة البحرية للمحيط الهندي السابعة في صيف هذا العام إذا استمرت وزارة القوات المسلحة ووزارة أوروبا والشؤون الخارجية في لعب دور مركزي فإن الوكالات الحكومية تصبح مشاركة أكثر فأكثر مثل الوكالة الفرنسية للتنمية (AFD)
ومع ذلك لا يزال عامة الفرنسيين غير مطلعين إلى حد كبير والأمر الأكثر تناقضًا هو أنه على الرغم من بُعدها الدولي فإن استراتيجية المحيطين الهندي والهادئ لها أيضًا بُعد وطني واضح وهو تعزيز التنمية والتكامل بين الأراضي الفرنسية في المنطقة لا ينبغي على فرنسا التواصل بشكل أفضل مع الشعب الفرنسي فحسب بل يتعين عليها أيضًا دمج مناطق المحيطين الهندي والهادئ الفرنسية في الاستراتيجية الوطنية وإذا كانت بعضها قد استضافت بالفعل مؤتمرات دولية فينبغي أن تصبح مركزية في إطار التعاون اللامركزي المتزايد وعلى المستوى المؤسسي يجب معالجة مسألة إعادة تنظيم المحيط الجغرافي لوزارات معينة مثل إعادة تسمية مديرية آسيا وأوقيانوسيا التابعة لوزارة أوروبا والشؤون الخارجية إلى مديرية المحيطين الهندي والهادئ
تتطلب جهود الحكومة الفرنسية لتصحيح التحيز التصوري المذكور سابقًا أيضًا تعميق الشراكات والمبادرات الفرنسية مع الجهات الفاعلة الأخرى بخلاف الشركاء الاستراتيجيين الثلاثة وجميعهم أعضاء في تنسيق الرباعي وممكت أن تكون كوريا الجنوبية مثالاً ممتازًا
بحيث يجب أيضًا إنشاء تنسيقات ثلاثية جديدة بالإضافة إلى التنسيق الفرنسي الهندي الأسترالي الحالي
يجب أن يكون هناك حوار فرنسي ـ ياباني ـ أسترالي حول جنوب المحيط الهادئ
يجب أن يكون هناك حوار فرنسي - كوري جنوبي - سنغافوري حول القضايا البيئية في جنوب شرق آسيا
سيكون من المهم تكرار الحوار البحري الشامل الذي بدأ مع اليابان في عام ٢٠١٩ تقع القضايا البحرية في قلب منطقة المحيطين الهندي والهادئ هذه الصيغة مثالية لمناقشة عدد من القضايا مع الإصرار على نهج مشترك بين الوزارات لا يزال يفتقر في كثير من الأحيان.
No comments:
Post a Comment