Sunday, 6 February 2022

تتعدى حدود الظاهرة والتعقيد فيها ظاهر وواضح عن حالة الكراهية والحقد تجاه المملكة العربية السعودية أتحدث!

٦ فبراير ٢٠٢٢

الحالة معقدة وليست حالات فردية هنا وهناك ربما كان للمد القومي بداية من ستينات القرن الماضي والذي ظهر بأبها حلة له من خلال إذاعة صوت العرب أو ما تعرف بإذاعة عبدالناصر رسخت هذه الآلة الإعلامية في أذهان المجتمعات العربية -خصوصا وأنها تفردت في ذلك الوقت بالنشر- أن المملكة العربية السعودية والخليج عموما هم سبب عدم تحرير فلسطين كان عبدالناصر نفسه أحيانا يتولى المهمة بخطاباته واستهدافه للسعودية والأردن تحديدا والشتم كان واضحا وعلنيا وصولا لإعلام العراق وسوريا وليبيا عهد الرؤساء صدام حسين وحافظ الأسد ومعمر القذافي الذين تعدوا مسألة الشتم والإهانة لمرحلة دقيقة من التخوين ومحاولة اتخاذ قرار! 

خلال العقدين الماضين وإلى الآن أكبر جماعة إسلاموية وهي جماعة الإخوان المسلمين المنتهية الصلاحية تروج على المنابر وفي الإعلام أن السعودية تقود موجة (تطبيع) و (علمنة) وهنا ظهر الدور القطري والمد الإعلامي من خلال قناة الجزيرة التي بدأت بالترويج بأن المملكة وراء احتلال العراق ثم انتقل المشهد لإظهار مليشيات الجمهورية الإسلامية في إيران وكأنها حركات (مقاومة) تسعى لتحرير فلسطين وأنها موجودة على الأرض خدمة للشعوب ثم انتقل فجأة للترويج لتركيا على أنها (البديل) السني للسعودية كل هذه العوامل فاقمت الوضع وأججت حالة العداء وكراهية والتخندق بطريقة غير مفهومة
‏رغم أن السعودية مثلا هي أكبر مانح لفلسطين بين الدول العربية والإسلامية إلا أنك لو قمت باستطلاع رأي بين الفلسطينيين لوجدت أنهم يفضلون دولة كتركيا وهي أكبر حليف لإسرائيل وهذه ليست ردة فعل بشرية طبيعية هذا الشعب تعرض لمغالطة كبيرة وتغييب على مدى عقود تسببت في هذه الحالة
‏في موريتانيا ومجتمعها عاطفي جدا حاله كحال باقي المجتمعات العربية نسبيا تعرض لكل موجات الشحن السابقة المفارقة أن كل خدمة في البلد من الكهرباء للماء للطرق تقف ورائها السعودية بشكل أو بآخر هي أكبر مانح ومُقرض للبلد إلى جانب دولة الكويت الغريب أن الشعب يميل لدولة كقطر التي لم تقدم للبلد سوى الإرهاب في أحسن الأحوال!

ولن أبالغ لو قلت لكم بأن ثلثي المجتمعات العربية تعتقد بأن سمو ولي العهد الأمير محمد بن سلمان يحارب الإسلام ويسعى لجعل الحرمين مكان للترفيه لم أجد من بين هؤلاء من يحمل تصورا واضحا أو تسلسلا منطقيا للأحداث أو حتى دليلا يدعم اعتقاده كل مافي الأمر أنه يعتقد ذلك لأن الشيخ الفلاني قال ذلك ولأن الآلة الإعلامية أوصلت له ذلك!
‏في السنوات القليلة الماضية أصبحنا أمام حالة فكرية وثقافية غريبة بحيث أن الإسلاموي والقومي اللذان لا يتفقان إلا في أمر واحد تحميل المملكة العربية السعودية مسؤولية كل شيء في العالم من احتلال فلسطين لمشاكل بلدانهم الخاصة حتى ثقب الأوزون ‏المضحك المبكي أن كل هؤلاء لو عرضت عليهم عملا في السعودية لذهبوا في اليوم التالي! 

بشكل عام من يرى المملكة مصدرا لكل الشرور هم أكثر من يرتبط بها بمصالح اقتصادية سبق أن قلت بأن كل هيئة أو منظمة أو شركة تتبع للسعودية في غرب إفريقيا مثلا هي وكر لشاتمي وكارهي السعودية!
‏في العالم العربي والاسلامي وصلت المزايدات حد أن العرب الإسرائيليين الذين يتعلمون في الجامعات الإسرائلية ويعملون في حكومة إسرائيل يتهمون العرب في أقصى الأرض بالتطبيع والصهينة خدمة لأجندات أخرى

‏ومع كل ذلك أتابع الشعب السعودي وهو حالة فريدة في تلاحمه مع قيادته واتضح أن التأثير عليه شبه مستحيل مقارنة بشعوب عربية أخرى ولذلك تحول الأمر للتأثير على محيطه والتعويل على تأثير (أحجار الدومينو) بحيث أن كل ما يمكنكم تصوره لشيطة السعودية وحلفائها تم القيام به والغريب أنه تم بصيغ متناقضة ومتهافتة!
‏أحد أغرب تلك التناقضات أنك تجد نفس الشخص أو المنبر الإعلامي الذي يتهم السعودية بأنها دولة ثيوقراطية متشددة يتهمها في يوم آخر بأنها تشجع الانحلال والحركات المثلية والسياحة الجنسية أما كيف يٌقنع الشعوب -رغم التناقض الواضح-  فهذا جوهر المشكلة فالعربي (العاطفي جدا) أصلا جاهز لتقبل ذلك! ‏ربما يحتاج الأمر كتبا لشرحه لكن ما أحاول قوله بين الأسطر أن الإستراتيجية المتبعة في المملكة لا تساعد في الاستفادة من القوة الناعمة السعودية ربما عليها أن تنتقل من القيام بواجبها نحو الأشقاء لمطالبة الأشقاء القيام بأدوارهم وواجباتهم 
كل الحكومات العربية لا تبذل أي جهد في هذا الإطار حيث ليس منصفا ولا مقبولا أن تعتمد الحكومات العربية على المساعدات السعودية للبقاء على قيد الحياة في حين تفتح منابرها وصحفها وجامعاتها لتعزيز صورة مغلوطة ومسيئة للمملكة الإنتقال نحو الاهتمام بالاعلام والمنظمات والمفكرين والمؤثرين بدل الحكومات  سيكون مبررا ورائعا جدا

‏في أي مكان آخر من العالم كانت ستكون حكومة السعودية مقدرة لأدوارها المشهودة وإيثارها الواضح فليس من المنطقي أن تتوقع السعودية مقابلا ومن دول عربية هي أصلا لا تستطيع مساعدة نفسها بعض (المنّ) وتحميل الجميل والمطالبة بمقابل (أخلاقي) على الأقل سيكون خطوة مفيدة
‏قد يقول قائل بأن الحكومات لا دور لها في (الموضوع) تلك مغالطة الحكومات في العالم العربي لها دور في كل شيء أقل تحرك منها في هذا الإطار سيلجم الكثير من جوقات الإساءة وممتهني المغالطة ربما لن يحل هذه المعضلة لكنه بداية صحيحة لمعالجتها ليس ذلك تدخلا ولا وصاية هذه اسمها (سياسة)
‏من الواضح أن هناك تقصيرا من أحد الأطراف أو كليهما وإلا فما تفسير أن ٦٥٪ على الأقل من الشعوب العربية لا تفهم أهمية ما تقوم به حكومة السعودية لمساعدتها على النهوض أجزم أن معظم الدول العربية خصوصا الأردن لا يعرفون أصلا أن الودائع السعودية هي ما منعت الانهيار التام للدولة قبل سنوات قليلة!

‏سأتوقف هنا منعا للملل لكن أذكر بأن القيام بنفس الخطوات في نفس الظروف لا يمكن أن يأتي بنتائج مختلفة حان الوقت لتغيير السياسات وبشكل أوضح حان الوقت لتتصرف السعودية بناء على حقيقتها كدولة عظمى ومحورية في الاقليم والمحيط وفي العالم كله ختاما أقول للسعوديين ما تمتعضون منه ليس حالات (نكران جميل) أو حقد هنا وهناك ما تواجهونه هو نتائج عقود من الشحن والمغالطة انضمت له سياسات إقليمية ممنهجة لزعزعة دور السعودية في محيطها يحتاج الأمر سياسات ومقاربات جديدة وليس معالجة حالات فردية ضمن ملايين الحالات.

No comments:

Post a Comment

Das Schweigen von Bundeskanzlerin Merkel ist ebenso traurig wie es ein Spiegelbild dessen ist, was ich die dunkle Seite von Merkels politischer Persönlichkeit nenne!

Vor drei Jahren verließ die ehemalige Bundeskanzlerin Angela Merkel scheinbar freiwillig, aber nicht ganz so freiwillig Merkel hinterließ de...