١٣ فبراير ٢٠٢٢
بعد سقوط الاتحاد السوفييتي قامت الولايات المتحدة الأمريكية بتكبيل روسيا الإتحادية باتفاقيات أمنية لا تشبه إلا التحكم بالمهزوم في حرب حيث جرى اتصال هاتفي أخذ من وقت الرئيسين فلاديمير بوتين وجوزيف بايدن ٦٢ دقيقة وسبقت هذه المكالمة قبل أسبوعين مقترح أمريكي مكتوب لتحسين ظروف تلك الاتفاقيات الأمنية حيث يمكن توصيف استمرار التصعيد العسكري الروسي على الحدود مع أوكرانيا في الأسبوعين الماضيين ردا على رفض ذلك المقترح ورفعت موسكو سقف المطالب حينها عرفت واشنطن المطالب الروسية وحصرت التفاوض في زاوية ضيقة
آثار هذا الاتصال الهاتفي ستتضح فورا حيث لدى الروس نفَس أطول للصبر على الأمريكان التي استنزفتها بتشتيتها خلف المملكة المتحدة
ومن الملاحظ أن كل اتصال هاتفي أمريكي يتلقفه بوتين مباشرة دون مماطلة كما كان يحدث في فترة السبعينات والثمانينات وكأنهم يستغربون تأخر الأمريكان في بدء التفاوض
شخصيا: أتوقع أن العرض الأمريكي من بايدن لم يرق إلى مستوى التصعيد الروسي فأصبحت روسيا في وضع اللاعودة حيث سيكون تراجعها ضعفا ومضيها بالغزو يعني أنها ستسلك طريقا مجهولا وهو ما لا يرغب به فلاديمير بوتين وسيكون نادي أكبر الخاسرين من الأزمة لو تضخمت ستضم كل من تركيا وبعض دول شرق وشمال أوروبا
في الوقت الذي تُقبل فيه أوروبا على كارثة تتعلق بإمدادات الغاز لو نشبت حرب واستدرجت لها أوروبا فإن بايدن يستريح في المنتجع الآن وكأن الولايات المتحدة تريد فعلا من روسيا الهجوم كما أن أسعار النفط المتصاعدة مشجعة لروسيا دون أي رد فعل أمريكي بإغراق السوق بالنفط
إصابة الرئيس التركي أردوغان بكوفيد ١٩ ستنتهي ولن يقبلوا منه النأي بالنفس أما الصين فتدرس كل خطوة أمريكية ليأتي دورها مع هونج كونج وتايوان
المراقب للوضع يرى ١٥٠ ألف عسكري روسي قد حشدوا للحرب ويرى عشرات المناورات الروسية في غرب روسيا وبيلاروسيا واحتلال أوكرانيا لا يتطلب ذلك والجبهة الأمريكية لو دخلت أمريكا الحرب قد تفتح على روسيا جبهات من قبل قوات الناتو من غربها ومن أمريكا وغيرها من شرقها إذا فليس المقصود بحشد هذا العدد الروسي الحرب فعلا بل المقصود المفاوضة على المطالب الأمنية واستمر التصعيد فلم يتحرك الأمريكان فعليا إلا خلال أقل من يومين ماضيين حيث اجتمع فيهما افتراضيا زعماء الناتو ثم اتصالات وزراء الخارجية والدفاع الأمريكان والروس ثم الرئيسين بوتين وبايدن
ومنذ يومين وقد توقعت بأن طرح بايدن لن يرتقي للحدث كان البيت الأبيض قد نشر ما دار في مكالمة الرئيسين فلم يخرج عما قلتُ خلال اليومين الماضيين والأسئلة هنا تطرح نفسها:
ما هي مصلحة الولايات المتحدة من هجوم روسيا على أوكرانيا؟
أو أنك تصدق بأفول شمس الهيمنة العسكرية والاقتصادية الأمريكية إلى هذا المستوى؟! وهل يقوي أحد الاحتمالين لديك لو أعلنت أمريكا الآن عودتها إلى الاتفاق النووي مع الجمهورية الإسلامية في إيران بل وإعادة تصنيف الحوثيين منظمة إرهابية؟ وربما من المهم التساؤل:
هل طائرات F22 الأمريكية التي أعلنت أمريكا خلال هذين اليومين مساندة الإمارات بها ضد هجمات الحوثيين هل هذا هو غرض أمريكا فعلا؟!
بالنسبة لي أرى أن الخيار الروسي حاليا متردد بين ضربات عسكرية جوية غالبا مع هجوم إلكتروني واسع وبين اجتياح شامل سريع يقتصر على تغيير الحكومة وتنصيب رئيس موال لها
لكني لا أرى مجالا لحل متطرف يمينا بعودة بوتين دون عمل عسكري
ولا حل متطرف يسارا بدخول الناتو أو أمريكا الحرب إن استمرت قصيرة
واستجابة الأسواق وعلى رأسها النفط لن تقل في الخيار العسكري الأول عن زيادة ٧ دولارات وفي الخيار الثاني لن تقل عن زيادة ١٧ دولار وستضرر شحنات الصين واليابان لارتفاع التكاليف اللوجستية بسبب ارتفاع بوالص التأمين وهو ما سيدفعهما إلى تحقيق منافع من هذه الأزمة لتسوية الأضرار المتوقعة
حيث غرد موقع سي إن إن العربي بما يؤكد توقعي من مستوى محادثة الرئيسين والنتائج المنتظرة منها
أيضا المتحدث باسم البنتاغون صرح قبل قليل بسحب قواتهم (١٢٠ عسكري أمريكي) من أوكرانيا إلى بولندا
مرحبا بك بوتين!!
الحقيقة أن روسيا مختصرة في شخصية بوتين فإما أن يعيد صنع الإمبراطورية الروسية أو أنه سيفتت روسيا الاتحادية
فإن نجحت مغامرته في أوكرانيا فربما يتنزه قريبا في دول البلطيق
وإن قاومت أوكرانيا أسبوعين فربما تتحول إلى مستنقع وتشتعل عليه جبهة الشيشان وأنغوشيا وداغستان وتغض أمريكا الطرف عن حركات مقاومة إسلامية فيها مع تمويلاتها وإن انكفأت روسيا فهي نهاية بوتين وتسلم الصين محل روسيا عسكريا أما بايدن فلو قطعوه فلن يدخل أي حرب إلا إن كانت مصالح أمريكا فيها ستتحقق جزما لأن انتخابات التجديد النصفية على الأبواب وأداء الديموقراطيين حتى الآن يتجه بهم إلى خسارة مقاعد في مجلس النواب ثم إن بيرني ساندرز وهو واحد من أهم ثلاث شخصيات في الحزب الديموقراطي نفسه وزعيم التقدميين يعارض الحرب ولو كان الرئيس جمهوريا فلن يدخلها لأن أقصى اليمين المحافظ في الحزب الجمهوري يعارض هذه الحرب أيضا ربما اشتعال مفاجئ لجبهة أخرى تغير الموازين أو غرق الدب الروسي في الوحل الأوكراني الرطب هذه الأيام أو خشية أمريكية حقيقية من خسارتها ألمانيا
وبدون ذلك لا تنتظر تدخلا عسكريا أمريكيا!
No comments:
Post a Comment