٢٠ اكتوبر ٢٠٢١
مع الإنقسام الحادّ حاليا في الولايات المتحدة الأمريكية وحالة الإحتقان الشعبية التي لا تخطئها عين المتابع يلتقي الرئيس الأمريكي الأسبق دونالد جون ترمب بأنصاره الذين يشعرون بالنشوة حيث في ظاهرة غير مسبوقة تاريخيا لرئيس أمريكي سابق ترمب لا زال ينشط ويلتقي بأنصاره وهنا ترمب قبل أيام فقط في ولاية ايوا الصغيرة لكن الهامة جدا في سباق الرئاسة وقد ذكرت استطلاعات الرأي أن شعبيته في الولاية حاليا أعلى منها عندما كان في البيت الأبيض
كما ذكر تقرير الواشنطن بوست الذي كتبت مقالا يعتبر الجزء الثاني من سلسلة (الترمبية من أين إلى أين؟!) لا يبدو أن ترمب سيختفي من المشهد كما كانت تأمل دولة المؤسسات العميقة
إذا ماذا نتوقع؟!
لم يعلن ترمب حتى الآن نيّته للترشح للرئاسة رغم أن هناك تقارير أشارت إلى أنه قد يترشح لعضوية مجلس النواب في ٢٠٢٢ تمهيدا للترشح للرئاسة في ٢٠٢٤ لو فعل ترمب ذلك فإنه حتما سيفوز بعضوية مجلس النواب وفي حال حصد الجمهوريون الأغلبية بالمجلس فقد يصبح ترمب رئيس مجلس النواب خلفا لنانسي بيلوسي وأكرّر هنا ترمب فاز بالرئاسة في عام ٢٠١٦ بمباركة دولة المؤسسات العميقة ولكن شخصيته القويّة وعناده وشعبيته الجارفة جعلته يعتقد بسذاجة أن بإمكانه مجابهة دولة المؤسسات (لنتذكر إقالته لوزير الخارجية ريكس تيلرسون ثم للجنرال هيربيرت مكماستر ثم لوزير الدفاع جيمس ماتيس وغيرهم) وهذا ضد إرادة دولة المؤسسات الصلبة الحاكمة في الولايات المتحدة
دولة المؤسسات لم تحتمل ترمب فأطاحت به في انتخابات ٢٠٢٠ ومن يتابع سياسات إدارة امريكا الحالية يلحظ أنها على النقيض من سياسات إدارة ترمب داخليا وخارجيا مع الحلفاء والخصوم: المملكة العربية السعودية والجمهورية الإسلامية في إيران وروسيا والصين أمثلة مهمة
حتى اللحظة سياسات امريكا هي نقض لسياسات عهد ترمب وبشكل صريح وواضح
ويظل السؤال
هل سيترشح ترمب للرئاسة في ٢٠٢٤؟! دولة المؤسسات كانت تأمل أن يختفي من المشهد كما ذكر تقرير الواشنطن بوست بصراحة ولكنه لم يفعل قال خصومه إن ترمب ستتم محاكمته وسجنه بعد نهاية فترته، وحتى اليوم لم يحدث له شئ، تماما مثلما حاولوا عزله ٣ مرات وفشلوا
كمعلق لا أظن أن ترمب سيعلن ترشحه للرئاسة من عدمه إلا بعد الإنتخابات النصفية في نوفمبر ٢٠٢٢ إن لم يتم اعتماد التصويت بالبريد وسارت الإنتخابات دون معوقات وفاز الجمهوريون بأغلبية مجلسي الكونجرس أو أحدهما (النواب تحديدا) فقد يعلن ترمب ترشحه رغما عن الحزب الجمهوري وسيحصد الترشح
دولة المؤسسات الحاكمة يهمها استقرار وتوازن المجتمع الأمريكي وتعلم أن المحافظين في حالة غضب واحتقان كما تعلم أن أكبر ما يهدد الإتحاد الأمريكي ليست القوى الخارجية بل الإنقسام والإحتراب الداخلي الذي فكّك الإتحاد الأمريكي وتسبب بحرب دموية قبل ١٦١ سنة والأمم تستحضر العبر من تاريخها لذلك لن يعود ترمب للترشح ويفوز إلا إذا شعرت دولة المؤسسات أن المجتمع الأمريكي وصل أقصى مراحل التمزق والإنقسام وعودة ترمب ضرورية لإعادة التوازن
قد تكون استراتيجية دولة المؤسسات: (إذا كان المجتمع في حالة انقسام حادّ،فمن الأفضل تبادل الفوز بالرئاسة بين اليمين الجمهوري واليسار الديمقراطي)
أتوقع أنه حتى لو تمكن ترمب من الترشح والفوز في ٢٠٢٤ فإنه لن يكون بالضرورة ترمب الذي فاز في ٢٠١٦ ستسعى دولة المؤسسات لتهذيب ترمب قبل السماح له بالترشح والفوز ثانية وهو -وقد أدرك مدى قوة وشراسة دولة المؤسسات بعد تجربته في الإنتخابات الماضية- قد يذعن ويسير في فلكها مرغما أو راضيا أكتب هذا لأن ظاهرة ترمب طاغية حاليا في مواجهة إدارة بايدن ولم أكتب لأنني أتمنى عودة وفوز ترمب فمن يفهم حراك امريكا السياسي يعلم أن ترمب قد يعود لكن بشكل مختلف وقد ينتهج سياسات غير التي انتهجها في رئاسته الماضية
امريكا في النهاية دولة مؤسسات تبحث عن مصالحها.
No comments:
Post a Comment