Friday 26 July 2019

من تونس لبورقيبة كيف نحافظ على شارة البداية؟! ...

٢٦ يوليو ٢٠١٩


إننا وفي الخامس والعشرين من شهرنا الحالي يوليو لعامنا الحالي ٢٠١٩ لمحزونون على فراق الرئيس التونسي الدبلوماسي المخضرم السيد #محمد_الباجي_قايد_السبسي أحد آخر من شهد وعمل رفقة الرئيس المخضرم الراحل #الحبيب_بورقيبة لروحهما الرحمة وعليها السلام فهل مات إرث بورقيبة وهل أصبح #حزب_نداء_تونس طي النسيان؟! وما هو مستقبل الجمهورية التونسية خصوصا بعد فقدان تونس لرجلها الذي اعتبر الرئيس الديمقراطي الليبرالي العلماني ذو الميول اليسارية الوسطية بشهادة الخصوم قبل الأصدقاء والزملاء للراحل السبسي؟!،

"الحبيب بورقيبة البذرة الصالحة والزؤام" هذا العنوان هو لكتاب ألفه الرئيس الراحل الباجي قايد السبسي في شهادته على الفترة التي رافق فيها الرئيس التونسي المخضرم الأول السيد الحبيب بورقيبة أشار الرئيس الراحل (الباجي قايد السبسي) إلى حادثة بطلها الزعيم (الحبيب بورقيبة) عندما اعترضته امرأة في إحدى مناطق الشمال الغربي وحدثته عن وضعيتها الاجتماعية السيئة فتعاطف معها الزعيم ولأن الزعيم لا صلة له بالمال ولا يعرف قيمته بل ولا يعيره اهتماما أدخل يده إلى جيبه وأعطاها (دينارين) فبدا الاستياء على وجه هذه السيدة وقالت معلقة "رئيس دولة ما يعطيش ألفين..." وهو ما استفز بورقيبة فرد عليها بصفعة آلمته ولم ينم ليلتها وراح يسأل المحيطين به وعلى مدار شهرين إن كان على صواب أم تراه أخطأ في رد فعله... ولم يهدأ حتى سارع (الباجي قايد السبسي) والذي عينه بورقيبة مستشارا له في حينها رفقة السلطات الجهوية التي كانت في حينها (القوى التي كانت تكتب دستور ما بعد الإحتلال الفرنسي) بالبحث عن هذه المواطنة لتصحيح الموقف وترضيتها... والبحث في سبل سوء المعيشة للمرأة على وجه الخصوص والمواطن التونسي بالعموم ويتناقل بعض الثقات حادثة أخرى عاشها مواطن من الساحل التونسي كان يشتري "القرنيط" من البحارة ويتنقل بدراجته يعرضه على القرى والمدن القريبة ذات يوم شاهده بورقيبة وهو يتجول أمام قصره الرئاسي في #المنستير (حيث ظلت على مدى نصف قرن مدينة الوزراء والحكام في تونس فمن بين ١٨ وزيرا في عهد بورقيبة منحت لمدينة الرئيس ١٥ حقيبة) وناداه ليسأله عما يفعل وقال له "تستحقش حاجة؟" بمعنى هل تحتاج أي شيء؟! فرد المواطن بالنفي قال له بورقيبة: "أول مرة رئيس دولة يسأل مواطن يستحقش حاجة والمواطن يقولو لا" فأجاب بائع القرنيط: "انت ماكش رئيس دولة... انت بونا"،

وتمر في ذاكرتنا شهادة السيد #فتحي_بلحاج_يحي في كتابه (الحبس كذاب والحي يروح) فنجدنا نزداد حبا لبورقيبة حتى في ظلمه وقسوته على أبنائه بورقيبة الذي يحتاج اليوم إلى رد الاعتبار له لم يكن يشبه غيره من السلاطين لذلك لم تتلوث يداه بالسرقة والنهب ولم يعث في الوطن الذي ناضل لتحريره فسادا يحتاج بورقيبة اليوم لأن نعترف بأنه كان زعيما حقيقيا مخلصا لوطنه يندفع في بنائه والدفاع عنه ويجب علينا أن لا ننسى سنوات الوحدة وهو في منفاه في أرذل العمر ولذلك نريد أن تكون الاحتفالات بذكرى وفاته يوم ٦ أبريل احتفالات شعبية كبيرة لعلنا ننصف الرجل ونعترف بفضله وإن فات الأوان،

أردت الإشارة لتاريخ بورقيبة لدلالة على المقاربة في الشخصية بين الأستاذ الأول للرئيس الراحل السبسي الرئيس بورقيبة من عادتي أن اتحدث عن أي شخصية سياسية تحديدا بعد وفاتها بما لها وما عليها فبالرغم من أن الراحل المخضرم السبسي كان يشغل وزارة الداخلية التي تعتبر من أكثر الوزارات مؤرقة في كل دول العالم فليس المواطن وحده من يراقب هذه الوزارة ببرلمانها وحكومتها ومحكاكمها بل وإن المنظمات الدولية الخاصة بحقوق الإنسان فهي من الوزارات او "الذرائع" التي يتم تنحية رئيسها منها وبرغم تلك الفترة من الستينات التي اتهم فيها الحبيب بورقيبة ووزير داخليته الباجي قايد السبسي بكثير من خروقات في حقوق الإنسان لكنه استخدم تلك السياسة البراغماتية ولكن بطريقة جميلة حيث كان يقارب ما بين أطراف اللعبة السياسية وبرز ذلك من خلال عديد المناصب التي تسلمها بعد ذلك،

لن أدخل في حيثيات عمل الرجل لربما كان الحدث الأبرز في تاريخيه الرئيس السبسي هو اعتزاله العمل العام بداية التسعينات حيث كان منتقدا للرئيس التونسي السابق زين العابدين بن علي في بداية حكمه على أية حال الرئيس السبسي كان محاميا رائعا دبلوماسيا مهنيا في وجهة نظري المتواضعة الرجل أنقذ تونس في عدة مرات كان أهمها بالنسبة لشخصه وبالنسبة لتونس في العودة للحياة السياسية إبان ثورة ٢٠١١ حيث استدعاه الرئيس المؤقت #فؤاد_المبزع من فبراير لديسمبر من عام ٢٠١٢ بعد انتخابات عام ٢٠١٢ وفوز حركة النهضة ذات التوجه الإسلامي وقاد الرئيس المنصف المرزوقي البلاد الرئيس السبسي واجه الإخوان المسلمين والأصوليين المتشددين بحرفية سياسية ومهنية دبلوماسية عالية المستوى حيث لم يعمد للاشتكاء والتشكيك في نتائج الإنتخابات بل أنه وفور انتهاء الإنتخابات أراد عودة أفكار منشئ الدولة التونسية الحديثة الرئيس بورقيبة فأنشئ حزب نداء تونس الليبرالي العلماني الديمقراطي ذو الميول اليسار الوسط،

قد ينظر لحركة الراحل السبسي بإنشاء حزب نداء تونس حركة بأنها حركة طبيعية لأي أحد يريد اعتلاء منصب سياسي إلا أن الرئيس السبسي فعل ذلك من أجل تونس وليس لنفسه فقد اعتزل السياسة ٢٠ عاما ولم يكن ينتوي العودة لولا أن تونس طلبته الحركة التي قام فيها الرئيس السبسي هي عودة ميزان تونس لسابقه احترم الاختلاف ورغم المعارضة له من داخل حزبه لتعامل ببراغماته مع حركة النهضة (الإخوان المسلمين) ولكن رؤية الرئيس السبسي أن لا يؤجج ولا تؤدلج الأزمة بين القانون والدستور والوضع القائم في تونس مهنية الرجل انه قبل الديمقراطية بعد فوز المنصف المرزوقي بكرسي الرئاسة على عكس ما قامت به حركة النهضة بعد فوز حزب نداء تونس بالانتخابات السؤال هنا سيبقى مفتوحا هل انتهت حركة حزب نداء تونس بفقدانها مؤسسها وعمود توازنها؟! وما هو مصير الانتخابات القادمة؟!،

حزب نداء تونس له ١١٠ آلاف عضو استطاع مؤسسا الراحل الرائع الرئيس السبسي أن يجعل المواطن التونسي ضرورة وجود أفكار متنوعة ما نجح فيه الرئيس السبسي ولم ينجح به الرئيس بورقيبة هو عدم تحويل الأفكار الديمقراطية والليبرالية لحزب منظم يشكل ديمومة في ساعة الدولة التونسية بحيث مع عدم تنظيم حزب منظم تحولت السيطرة لأجهزة بيروقراطية تحبذ توجه ذات حزب واحد كما حصل في فترة الرئيس زين العابدين بن علي،

اليوم بفقدان نداء تونس شخصية مؤسسة ومهنية عليها التكاتف والاستمرار على النهج والفكر الذي بدأه بورقيبة ورسخه الرئيس الراحل السبسي اعتقد حتى التونسي اليوم يبحث عن برنامج اقتصادي يخرجهم من كل تأزمات الأوضاع أكثر من حدة الأيديولوجيات لذلك حتى حركة النهضة قد يكون لها مكاسب آنية ولكنها لن تستطيع إنهاء حالة التعددية الفكرية النوعية ونكرر حزننا العميق على خسارة رجل ديمقراطي ليبرالي مهني محترم لروح الرئيس السبسي ألف الرحمة وعليها ألف سلام،

لربما نعي و نتعلم يوما.

#تونس

🇹🇳🇹🇳🇹🇳

No comments:

Post a Comment

Das Schweigen von Bundeskanzlerin Merkel ist ebenso traurig wie es ein Spiegelbild dessen ist, was ich die dunkle Seite von Merkels politischer Persönlichkeit nenne!

Vor drei Jahren verließ die ehemalige Bundeskanzlerin Angela Merkel scheinbar freiwillig, aber nicht ganz so freiwillig Merkel hinterließ de...