لم تكن الإنتخابات النصفية الأمريكية لغرفتي الكونغرس حالة فريدة من الإنتخابات النصفية على الأقل في عهد الرئيسين السابقين للرئيس الجمهوري اليميني الشعبوي دونالد ترامب بل أنها جاءت تأكيدا لما ذكرته في طرحي خاصة الأمس و قبله أن سياسة الولايات المتحدة الأمريكية تعتمد زراعة الديمقراطيين و حصاد الجمهوريين و الإنتخابات لم تكن مخالفة لما قبلها في الإنتخابات النصفية إلا أنها كانت نوعية على المستوى الثقافي الحضاري الإنساني حيث أرسلت رسالات بإتجاهات عدة ليست للرئيس ترمب وحسب بل لكل الأنظمة اليمينية حول العالم و دروس الآخر مهمة لفهم التركيبة ليست الخاصة بالجيوسياسية بل بالأنثروبلوجية الإنسانية ككل و أتطلع لما سيدلي به الرئيس ترمب بخطابه عقب الإنتخابات،
قصة بداية صعود اليمين الجمهوري وحتى سقوطه!!! عندما ترشح دونالد ترامب لمنصب رئيس الولايات المتحدة الأمريكية كان يوصف بأنه ذو نوع خاص من الجمهوريين لأنه ناخب جمهوري حر؛ أي أن حركته الجمهورية نفسها لم تكن تتوقع حتى بصعوده الرهيب في ظل ارتباك جمهوري؛ لم يكن أمام رجال الأعمال (الأغنياء) إلا أن يدعموا ترمب نظرا لعدم وجود من يمثلهم بالشكل المطلوب، وعلى الجانب السياسي الآخر كان الديمقراطييون يعانون ذات المشكلة في الشخص الممثل حيث كانت هيلاري كلينتون تشوبها عدة شوائب بغض النظر عن التدخلات الروسية بالإنتخابات و القضايا السياسية الدولية التي تدخلت فيها ليست وكالة الإستخبارات المركزية الأمريكية بل و حتى أعضاء مجلس الشيوخ الذين لهم سيادة القرار الخارجي الأمريكي هذا في ما يخص السياسة،
فيما يخص الشؤون الداخلية الأمريكية كانت حملة الجمهوريين و جاء ترمب معززا لها بالخروج من المؤتمرات العلمية سواء الخاصة بالبيئة و المناخ بطبيعة الحال لأن بعض أهم الجمهورييون لا يؤمنون إلا بالمال و التغول على السياسة و يرفضون النهج العلمي الليبرالي فيما يخالف الدستور الأمريكي نفسه كونها من أوائل الدول الرائدة بالعلوم الأخطر من ذلك كان ترمب يعزز خطاب الكراهية و العنصرية في عدة إتجاهات أبرزها الأجانب و ذوي البشرة السمراء (الذين هم في صلب تنوع الثقافة الأمريكية) المثليين و ثنائي الجنس و المرأة و كلها نقاط حساسة تقتلب على الدولة ككل لذلك الخطر لم يكن سياسيا وحسب بل على جميع مسارات الأنثروبولوجيا الإنسانية لذلك عندما فاز ترمب بكرسي المكتب البيضاوي انسحب من اتفاق باريس للمناخ زار عدة جامعات و مراكز بحث علمية و كان يسعى لتقليص نفقاتها و وضح ذلك جليا في طرح سابق كنت قد طرحته على صفحتي الشخصية في لقاء ترمب في عدة شخصيات علمية أبرزهم السيد #بيل_غيتس و كانت كلها كارثية،
قبل الإنتخابات النصفية عاد الديمقراطيين بترتيب بيتهم الداخلي للحزب حيث عمدوا لتصدير شخصيات ثقافية كان أبرزهم السيدة نانسي بولسي و الإطاحة بالشخصيات التقليدية كالسيدة هيلاري كلنتون و هذه الإجراءات ذكرتني بالرئيس الأمريكي الراحل الرائع كينيدي الذي كان يتجه باتجاه ليبرالي إنساني ديمقراطي حر،
خطاب الرئيس السابق أوباما و الذي كان بمدينة ميامي في ولاية فلوريدا الذي قال فيه (عندما لا تهمنا الحقيقة لن تعمل الديمقراطية) و هي جملة وضعت الناخب الأمريكي أمام طريقين طريق تصديق و تصدير العاطفة التي عمد إليها الرئيس ترمب أو العودة لدستور وهو بيت المنطق القوي الأمريكي الداخلي و هنا كانت حصافة و حنكة الديمقراطيين و العقول الأمريكية (جزئيا) نعم جزئيا لأنها تعمل للجبهة الداخلية التي لا تعمل داخليا وحسب بل في أرجاء العالم على أن نعي بأن غرفة مجلس الشعب الخاصة بالكونغرس لن تغير النمط السياسي الجمهوري المقيت خارجيا،
على أية حال أرسلت الإنتخابات رسالة ليس لترمب و الجمهوريين وحسب بل لليمين الشعبوي في العالم و العالم بأسره مفاد هذه الرسالات وصول عدد النساء لمئة في مجلسي الكونغرس و حكام الولايات و هي أول إنتخابات تفرز صناديقها الحرة عن هذا المستوى وصول أول نائب مسلم للبرلمان الأمريكي (نساء) على غرار كندا و المكسيك و الدول اللاتينية وصول أول نواب نساء من السكان الأصليين و وصول أول نواب نساء من اللاتينيين و وصول أول نواب و حكام ولايات مثليين و ثنائي الجنس أيضا للبرلمان الشعبي الأمريكي و كانت كلها ردت الكرة السوداء رقم (٨) التي قامر بها الجمهوريين و رئيسهم ترمب لأنها كلها المسارات التي حاربها ترمب بهجوم مباشر،
ماذا تعني كل هذه الأرقام؟! و ما تأثيرها داخليا و خارجيا؟! هذه الأرقام تعني أن السيولة المادية لمشاريع ترمب العنصرية كبناء الجدار الفاصل بين اميركا و المكسيك (أحد وعود ترمب) ستعطل دستوريا (رغم أن قائد اكبر محكمة دستورية في البلاد) السيد كافانو الجمهوري و غيرها من المشاريع الإنعزال العلمي الثقافي الحضاري الذي كان ينوي ترمب فرضه سيكون مشلول نصفيا هذا فيما يخص الداخل أما الخارج فمن المتوقع أن يبقى الحال عليه لأنه بيد غرفة الشيوخ الخاصة بالكونغرس و هي التي ضمن الجمهوريين سيطرتهم عليها و تدليل لما ذكرته بطرح سابق أن مكاسب ترامب آنية حيث كسب ترمب إمكانية عدم عزله كرئيس لأنها تحتاج قرار من ثلثي أصوات مجلس الشيوخ و هذا في النظرية صعب جدا،
نقطات مهمة جدا كسبها الديمقراطيين و هي دعم تحقيقات النائب العام السيد مولر بقضية حملة ترمب اعتقد برأي شخصي سيتم فتحها بقوة من جديد و ستكون مدعومة من انتصار الديمقراطيين في غرفة الشعب الخاصة بالكونغرس أيضا بخصوص قضية خاشقجي لن يتغير النهج و لكن سيتم تحويل القضية من مسألة اهتمام إعلامي إعلاني سياسي ضخم إلى مسألة حقوقية ستتدخل فيها السياسة غالبا و ذلك بعد زيارة رئيسة ال (CIA) جينا هاسبيل و ستتحول بزخم لبراغماتية تركية مقيتة لانتخابات مارس البرلمانية التركية،
أخيرا و ليس آخراً العاطفة الشعبوية اليمينية العربية بفوز ممثلة فلسطينية الأصل السيدة رشيدة طالب لن تحرر القدس و لن تدعم القضية الفلسطينية بل هي تمثل الرأي الليبرالي الحر المعتمد على الخلق الإنساني مبروك لكل أمريكية و أمريكي هذا الإنتصار الديمقراطي الرائع،
لربما نعي و نتعلم يوما.
#أميركا
#الإنتخابات_النصفية_الأمريكية_٢٠١٨
#الحقوق
🇺🇸🇺🇸🇺🇸
No comments:
Post a Comment