عندما تريد قياس تقدم أي دولة فإننا لابد لنا من سؤال أربعة أشخاص: الأول عامل النظافة في الميادين و المطاعم و المقاهي و خصوصا من يقوموا بهندسة بيئة المراحيض و طبعا لن أنسى شرطي الخاص (بالبيئة إن وجد (فعليا)) الثاني شرطي المرور الثالث كاتب العدل في المحاكم على إختلاف أنواعها و الرابع المعلم سواء المدرسي أو الجامعي سأبدء من الشخص الرابع و هو المعلم عندما تسأل المعلمين ما هي أكثر التحديات التي تواجهينها/تواجهها في تأدية واجبك في إرسال رسالتك؟! و أنا هنا أتحدث عن دول العالم ككل فإن الإجابات في معظمها ستخلص إلى نتيجة واحدة وهي فقدان حلقة من حلقات سلسة التعليم لأن التعليم غير مرتبط بالمنهاج الأكاديمي الدراية بل هي حلقات تبدأ من وعي الأم (وهي الأهم) و وعي الأب و من ثم البيئة المحيطة في الأسرة الصغيرة إنتهاءا بالمجتمع بما فيه من هيئات إعلامية و دينية و حكومية (أهمها وزارتي التنمية المجتمعي الأسرة بلغة مبسطة (إن وجدت) و وزارة البيئة) و غيرها من المؤثرات الثقافية و الحضارية للمجتمع إذا فإن أي حلقة ستفرغ من محتواها ستكون معيقا لعمل ما قبلها و ما بعدها من حلقات و هي أشبه بأحجار الدومينو حينما توقع الحجر الصغير ستوقع بعد فترة وجيزة الحجر الكبير و لذلك و من مقولة الفيلسوف الألماني الرائع #كونراد_أدناور "حينما تريد بناء أمة قوية عليك بالتفاصيل الصغيرة"،
بحسب منظمة الصحة العالمية #WHO فإن هناك ٨٠٠ الف طفل دون الخامسة عشر في دول العالم النامي يموتون جراء الأوبئة و الجراثيم و البكتيريا الناتجة عن الإسهال و هي المتربطة إرتباطا وثيقا بالمراحيض (و التي من المفترض أنها بيت النظافة) سأتحدث عن مملكتنا الحبيبة كوننا جزءا منها بمجرد أن تمشي في شوارع بلدنا فإنك ستستمتع بمظاهر نفايات غاية في القذارة يمينا و يسارا و عندما تحتج علىأي شخص يقوم برمي النفايات فإن الإجابة (المبرمج عليهأ العوام) "إذا الدولة مش مهتمة بتيجي تطلب مني أهتم" هذا في أحسن الأحوال أما أسوءها فتقابل بالآتي: "شو دخلك إنت كاين وزير البيئة و انا مو عارف" أو "آه ما أنتوا أهل عمّان الغربية متعودين على الديتول و الهايبكس ما بتعرفوا ورق الزفتة" يال قذارتنا يعود هذا المرض النفسي (عقدة النقص) إلى عدة عوامل أهمها دينية حيث أننا مبرمجين على رد شنيع للغاية وهو (النظافة من الإيمان و القذارة من الشيطان) و كل إنسان و تربيته أما إذا شتمت أحد من الرموز الدينية تصبح القضية شأن عام و لابد للجميع التغول على الفرد فيه و هذه عقلية عقيمة للغاية،
بمجرد أن تدخل مراحيض عامة و انا هنا لا أتحدث عن المراحيض في الميادين (فهذه غير موجودة أساسا) وجدت سابقا و لكنها تحولت لمكاره صحية و لذلك كان من الواجب إغلاقها و بشدة بل إنني أتكلم عن مراحيض المعابد و المطاعم الشعبية منها و الراقية و المباني الحكومية من محاكم و مباني إدارية و حتى المستشفيات و المدارس و الجامعات فإنك ستواجه بأمراض لا سلطان لها حتى من قبل الوصول لمقبض باب هذه المراحيض و الذريعة نحن مؤمنون و كل مؤمن نظيف و لكن في الحقيقة نحن لسنا مؤمنون و قذرون جدا و هذا ليس من باب جلد الذات بل هو واقع مرير للآسف و كلها تبدأ في بيوت الأسر و هو جزء من سلسلة فساد تبدأ بالفرد و تنتهي بالسلطة،
من زار اليابان بعض الحمامات العامة يوجد كتالوج إرشادي لإستخدام الحمام طبعا فكرة وجود كتالوج قد تظهر سخيفة للبعض بل مستهجة و ستواجه برد شو شايفني هندي و لا من القرون الوسطى بخلاف العقلية السطحية الديكتاتورية بتوصيف مواطنين الهند بالغباء (رغم أن عقولهم تنتج قرابة ٤٠% من موظفين غوغل و الذي نستخدمه و نقول أننا متطورون) فإن الكتالوج مهم جدا فعندما تخرج من عدمة روائح سيول الصرف الصحي لدينا سنعلم بأننا لا نعلم كيفية النظافة و استخدام المراحيض أصلا و لذلك دعونا لا نرمي الحجارة على كتالوج الآخرين و كتالوجنا (إن وجد) من زجاج،
بعض العقول العامة لدينا تقول الآتي: (إننا علمنا الغرب النظافة فانظر هذه باريس كانت عاصمة الجرذان) ما أسخف الفكرة!!! هل تعلم عزيزي أن الغرب الذي تردد بسذاجة أصبح أنموذجا في النظافة و تدليلا على ما أقول إذهب لمرحاض بيتك و اقرأ الماركة المسجلة ستجد في الغالب كلمة (Grohe) وهي شركة ألمانية مقرها مدينة دوسلدورف في ولاية شمال نهر الراين و طبعا هذه واحدة من ضمن شركات إيطالية و إسبانية و يابانية و صينية و نحن نمتهن صنع القاذورات لننظفها بصناعة الغرب (الذي علمناه) و هنا عودة على كلمة علمناه فنحن يا سادة لم نعلم أحد فكرة المراحيض و الحمامات موجودة منذ الحضارة الفرعونية اي قبل وجود الأديان الإبراهيمية بالأساس و اقرب دليل حضاري أثري وصلنا من الإغريق و الرومان في فترة بين ٣٠٠٠-١٢٠٠ قبل الميلاد صحيح أنها كانت تعد من الرفاهيات لكنها موجودة و غيرت الحضارات التالية منها الإسلامية الشكل لكن المضمون واحد و هذه للمعلومة فقط،
في الشهر الماضي حاكمت ألمانيا شخصين قاما بالعبث بالمراحيض العمومية فكان العقاب مالي و عرض الشخصين على أخصائي نفسي لمراجعة عقليتيهما و كما كل طرح لابد له من حلول التعليم ثم التعليم ثم التعليم فتعليمنا يركز على نقل الكلام الحرفي من المنهاج من الصفوف الأساسية و حتى الثانوية و هناك حل إستخدمته دول كسنغافورة و اليابان و هو تحول الصفوف الأساسية من صفوف (ناجح) (راسب) إلى صفوف بناء منظومة قاعدات عقلية سيكولوجية و أخلاقية و بنائية أكادمية و منهجية ثم الإنتقال لمرحلة الإمتحان في الدول الإسكندنافية تحول الدراسة من دراسة مواد إلى دراسة مواضيع أما الحال لدينا فهو إمتحانات دون وجود قاعدة ليمتحن الطالب فيها و هناك طرحين أود تقديمهما في التعليقات و هما عن مثال هاشم الطفل الإربداوي الذي قام بحملة بسيطة لتنظيف نفايات الميادين و طرح آخر عن الصحة العقلية و النفسية،
لربما نعي و نتعلم يوما.
#InternationalToiletDay
🚮🚰🚹🚺🚻🚾🚾🚾🚯🚫⛔📵🚷🔞☢⚠️